كشفت وزارة المالية المصرية عن تفاصيل إصدار صكوك سيادية مزدوجة الشريحة بقيمة 1.5 مليار دولار، من المقرر أن يتم الإصدار الرسمي في 7 أكتوبر 2025، في خطوة تعكس استمرار أزمات الدين العام التي تضغط على الإنفاق الحكومي وتؤثر سلبًا على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين. تجاوزت طلبات الاكتتاب على الإصدار 9 مليارات دولار، ما يظهر إقبالاً كبيرًا من المستثمرين رغم المخاطر الاقتصادية المتزايدة.
تضمنت الشريحة الأولى 700 مليون دولار لأجل 3.5 سنة بعائد 6.375% تستحق في 2029، بينما تضمنت الشريحة الثانية 800 مليون دولار لأجل 7 سنوات بعائد 7.95% تستحق في 2032.
وصل متوسط تكلفة التمويل إلى 7.2% على آجال تبلغ 5.25 عام، وهو معدل أقل قليلاً من العائد على السندات السيادية «اليوروبوند» في السوق الثانوية والذي يبلغ حاليا 7.5% لأجل 5 سنوات.
كما تم تسعير شريحة الثلاث سنوات ونصف بفارق يقل بنحو 20 نقطة أساس عن سعر سندات مماثلة في السوق الثانوية، وشريحة السنوات السبع بفارق يقل بقيمة 35 نقطة أساس.
تكشف هذه الأرقام عن عبء مالي ثقيل على الموازنة العامة، إذ تشير الأبحاث إلى أن تكلفة خدمة الدين العام في مصر تمتص نسبة كبيرة من الموارد المالية، مما يقلل من متاح الإنفاق للتنمية والخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة.
يحذر خبراء الاقتصاد من مخاطر الاعتماد على التمويل عبر نسب فائدة مرتفعة وصكوك طويلة الأجل، إذ تؤدي هذه السياسات إلى تقليص المجال المالي أمام الحكومة لحماية وتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
يرى د. كريم العمدة، أستاذ المالية العامة، أن هذه الأرقام تؤكد زيادة معاناة المالية العامة وانخفاض القدرة على الاستثمار في القطاعات الحيوية.
ولفت إلى أن الاستمرار في تحصيل هذه العوائد على الدين قد يؤدي إلى أزمات في السيولة ويشكل عقبة أمام تحقيق استقرار مالي مستدام.
ويضيف النائب عبد المنعم إمام أن مخصصات فوائد القروض والسياسات التمويلية تعيق النمو الاقتصادي وتقلل من القدرة على توفير فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة.
ويؤكد أهمية إعادة هيكلة الدين وتحسين أدوات التمويل لتخفيف العبء على الخزينة.
توضح هذه المعطيات أن نهج الحكومة الحالي في التعامل مع أزمة الدين من خلال إصدار صكوك سيادية جديدة، رغم بعض التخفيف في التكلفة النسبية، لا يعالج جذور المشكلة.
فالاقتراض المستمر يزيد من المخاطر المرتبطة بسعر الفائدة وتذبذب الأسواق العالمية، ما يعني أن مالية الدولة تظل في موقف هش يتطلب إجراءات أكثر جدية وحلولاً مبتكرة.
في المقابل، تعكس هذه الإصدار الثقة النسبية للمستثمرين في الاقتصاد المصري مقارنة بالسنوات السابقة، ويشير ذلك إلى رغبة المستثمرين في الاستفادة من العوائد المرتفعة مع تحملهم لبعض المخاطر.
في الختام، تؤكد هذه التطورات أن أزمة الدين العام في مصر تستمر في فرض تحديات جسيمة على ميزانية الدولة.
ولن تؤدي محاولات التمويل الحالية إلى تحسن ملموس ما لم تتبعها إصلاحات مالية هيكلية تحد من الاعتماد على الدين وتوجه الموارد لتحسين حياة المواطنين وخدماتهم الأساسية.