صادقت لجنة الأمن القومي في الكنيست الإسرائيلي، على مشروع قانون يقضي بفرض عقوبة الإعدام على الفلسطينيين المدانين بقتل إسرائيليين، وذلك تمهيدًا لعرضه على الهيئة العامة للتصويت بالقراءة الأولى خلال الأيام المقبلة، في خطوة أثارت جدلاً داخليًا واسعًا واستنكارًا فلسطينيًا شاملاً.
وينص المشروع، الذي تبنته كتلة "عوتسما يهوديت" بزعامة وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، على الإعدام الإلزامي بحق المدانين الفلسطينيين، مع الاكتفاء بأغلبية قضاة لإصدار الحكم، إضافة إلى منع أي إمكانية مستقبلية لتخفيف العقوبة. ويرى مراقبون أن القانون يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التشدد القضائي والتوظيف السياسي في ملف الأسرى الفلسطينيين.
أجواء مشحونة داخل الكنيست
شهدت جلسة اللجنة أجواء متوترة وحادة، حيث رفض بن غفير مقترحات لتأجيل النقاش، مبررًا بأن “التوقيت هو الأنسب”. كما شنّ هجومًا على الجنرال المتقاعد غال هيرش، منسق ملف الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، متهمًا إياه بعدم تمثيل جميع عائلات الجنود.
إلا أن هيرش ردّ محذرًا من أن تمرير القانون في هذه المرحلة سيكون “خاطئًا وخطيرًا”، وقد يعرّض حياة المحتجزين في غزة للخطر المباشر، مشيرًا إلى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية نفسها تتحفظ على التوقيت.
المشادات لم تتوقف عند هذا الحد؛ إذ اندلع سجال حاد بين بن غفير والنائب غلعاد كريب من حزب “الديمقراطيين”، انتهى بطرد الأخير من القاعة، بعد أن اتهم الوزير باستخدام ملف الأسرى لأغراض انتخابية وشعبوية.
رد فلسطيني: "شرعنة للجريمة"
في أول رد رسمي، أصدرت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني بيانًا مشتركًا أدانا فيه التصديق على المشروع، معتبرين أنه يمثل “خطوة إضافية لترسيخ جريمة تمارسها إسرائيل منذ عقود بحق الأسرى”.
وأكد البيان أن الاحتلال يحاول “إضفاء صبغة قانونية” على جريمة الإعدام، رغم تعارضها مع القانون الدولي الإنساني، مشيرًا إلى أن سياسات القتل الممنهج داخل السجون أفضت إلى استشهاد عشرات الأسرى، خصوصًا منذ اندلاع الحرب الأخيرة على غزة.
وأضاف البيان أن “وحشية الاحتلال بلغت مستوى غير مسبوق، إذ لم يكتفِ بقتل عشرات المعتقلين والأسرى منذ حرب الإبادة، بل يسعى الآن لترسيخ الجريمة عبر سن قانون خاص بالإعدام”.
مشروع متكرر يتجدد مع بن غفير
جدير بالذكر أن مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين ليس جديدًا على الساحة السياسية الإسرائيلية. فقد طُرح أكثر من مرة في السنوات الماضية، غير أن محاولات تمريره كانت تتعثر بفعل ضغوط سياسية وأمنية.
آخر هذه المحاولات كانت في عام 2022، حين أعاد بن غفير طرح المشروع مع تعديلات جديدة، قبل أن يُقر بالقراءة التمهيدية عام 2023. واليوم، وبعد مصادقة لجنة الأمن القومي، يبدو أن الطريق بات ممهّدًا أكثر من أي وقت مضى لإقراره بالقراءة الأولى في الكنيست.