يُعرف جيل زد بأنه جيل الشباب المولود بين منتصف التسعينيات وبداية العقد الثاني من الألفية الثالثة. جيل نشأ في عالم رقمي، حيث الإنترنت والهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي جزء من الحياة اليومية. لكن في المغرب، لم يعد هذا الجيل مكتفيًا بالافتراضي، بل خرج إلى الشارع مطالبًا بتحسين الصحة والتعليم ومحاربة الفساد، رافعًا شعارات تؤكد أن الكرامة والعدالة الاجتماعية أولوية قبل أي مشاريع كبرى أو فعاليات رياضية.

 

نشأة جيل زد المغربي

ظهر ما يُعرف بـ"جيل زد 212" في المغرب، حيث "212" هو الرمز الدولي للهاتف المغربي. هذه الحركة ليست حزبًا ولا جمعية ذات قيادة معلنة، وإنما مبادرة شبابية ولدت من رحم النقاشات الساخنة على وسائل التواصل الاجتماعي، ثم تحولت بسرعة إلى احتجاجات على الأرض. غياب القيادة التنظيمية أعطاها مرونة وانتشارًا، لكنه جعلها أيضًا أكثر عرضة للتحديات المرتبطة بالتنسيق والاستمرارية.
 

 

أفكار ومنطلقات

جيل زد المغربي يرفع مطالب واضحة تلامس الحياة اليومية للمواطنين:

الصحة أولاً: تحسين المستشفيات والبنية التحتية الصحية وضمان وصول العلاج للجميع.
التعليم للجميع: إصلاح المناهج وتطوير قدرات الأساتذة وتوسيع فرص التعليم العمومي.
محاربة الفساد: الدعوة إلى شفافية أكبر ومحاسبة حقيقية للمسؤولين.
الكرامة قبل الكأس: شعار يعكس رفض الشباب لأولويات يعتبرونها هامشية، مثل التركيز على تنظيم فعاليات رياضية دولية، في حين أن الأساسيات مثل الصحة والتعليم لا تزال تعاني.
 

 

الفعاليات والتحركات

الحركة الشبابية لم تقتصر على العالم الافتراضي، بل ترجمها الشباب إلى وقفات احتجاجية في مدن مختلفة: الرباط، الدار البيضاء، مراكش، أغادير، طنجة وغيرها. ورغم المنع الرسمي والاعتقالات التي رافقت بعض المظاهرات، واصل الشباب تنظيم وقفات عفوية وتنسيق دعوات عبر شبكات التواصل. بعضهم دعا حتى إلى مقاطعة فعاليات رياضية كبرى احتجاجًا على تهميش مطالبهم.

 

تسلسل المظاهرات الأخيرة

منذ يوم الجمعة الماضي، أخذت الاحتجاجات طابعًا متصاعدًا:

  • الجمعة: شهدت شوارع عدة مدن، أبرزها الرباط والدار البيضاء، خروج مئات الشباب في وقفات رافعين شعارات تطالب بالصحة والتعليم.
  • السبت: توسعت رقعة الاحتجاجات لتشمل مدنًا إضافية مثل مراكش وأغادير، حيث خرج الآلاف في مسيرات سلمية رغم محاولات المنع.
  • الأحد: استمرت التعبئة على نطاق واسع، حيث عرفت مدن الشمال مثل طنجة وتطوان حضورًا لافتًا، وبلغ عدد المشاركين عشرات الآلاف في مجموع التراب الوطني.
  • الاثنين: زادت وتيرة المواجهة مع السلطات، وتم تسجيل تفريق بعض الوقفات بالقوة، إضافة إلى اعتقالات طالت ناشطين شبان.
  • الثلاثاء (اليوم): ما تزال الدعوات للتظاهر قائمة، فيما شهدت عدة مدن تجمعات متفرقة، مع إصرار جيل زد على مواصلة التعبير عن مطالبه رغم التضييق.

 

 

التحديات

من أبرز التحديات التي تواجه جيل زد المغربي:

  • غياب قيادة واضحة تنظم الجهود وتحدد أهدافًا استراتيجية.
  • الخوف من الاستغلال السياسي من طرف أطراف خارجية.
  • التضييق الأمني الذي يضع الحركة في مواجهة مباشرة مع السلطات.

 

وفي النهاية فجيل زد في المغرب يعبّر عن وعي جديد، لا يقبل بالانتظار الطويل أو الحلول الترقيعية. هو جيل وُلد رقميًا لكنه قرر أن يكتب صوته على أرض الواقع. ورغم غياب الهيكلة، ورغم الضغوط، فإنه يعكس رغبة قوية في إعادة ترتيب الأولويات الوطنية، حيث الكرامة والصحة والتعليم أساس أي مشروع مجتمعي ناجح. يبقى السؤال: هل ستستجيب الدولة لمطالبه أم سيدخل الشباب في مواجهة طويلة الأمد بحثًا عن التغيير؟