كشف مصادر بوزارة الصحة في حكومة الانقلاب المصري أن هناك مناقشات جارية مع وزارة المالية بشأن فرض ضريبة صحية متدرجة على المشروبات المحلاة بالسكر، ترتبط هذه الضريبة بنسبة تركيز السكر في المشروب.

وفق النموذج المقترح، تعفى المشروبات التي تحتوي على أقل من 5 جرامات سكر لكل 100 مللتر من أي ضريبة إضافية، فيما تُفرض ضريبة بنسبة 20% على المشروبات التي تحتوي على 5-9 جرامات سكر لكل 100 مللتر، وترتفع إلى 30% على المشروبات التي تتجاوز 9 جرامات لكل 100 مللتر، بجانب ضريبة القيمة المضافة الحالية.

الهدف الرسمي هو الحد من استهلاك السكريات لتقليل معدلات السمنة والسكري والأمراض المزمنة المرتبطة، وتستند هذه الخطوة إلى تجارب أكثر من 87 دولة، حيث أثبتت الضريبة انخفاضًا في استهلاك السكر دون فشل.
 

سياق الضرائب.. ماذا بقي غير مفروض عليه ضرائب؟
فرض ضريبة على المشروبات المحلاة يأتي في خضم زيادة الضرائب على عدة سلع غذائية وخدمات في مصر، حيث أثقلت الحكومة كاهل المواطن بضرائب متعددة في السنوات الأخيرة، منها ضريبة القيمة المضافة وضريبة الانتقائية التي تشمل المشروبات الغازية والعصائر المحلاة بنسبة تصل إلى 50% في بعض الدول.

وتثير هذه الضرائب تساؤلات عن مدى زيادة الأعباء المالية على المواطن، وسط ظروف اقتصادية صعبة ومستوى فقر مرتفع.

الشركات المنتجة لهذه المشروبات تواجه ضغوطًا، وهناك تجارب دولية مختلفة، مثل هولندا التي ألغت ضريبة المشروبات المحلاة بسبب الآثار الاقتصادية السلبية.

في مصر، الضريبة المقترحة تستهدف تعديل السلوك الاستهلاكي، لكنها تضاف إلى عدة أنواع أخرى من الضرائب المفروضة بالفعل.
 

الشعب كفر بالسيسي وحكومته
تعكس عدة دراسات ميدانية واستطلاعات للرأي في مصر مستويات عالية من الرفض لحكم عبد الفتاح السيسي ونظامه، الذي وصف بالسلطوي من قبل منظمات حقوق الإنسان ونُظر إليه على أنه قمعي بحق المعارضين والصحافة.

في دراسة ميدانية حديثة عام 2016 للمركز المصري للإعلام والرأي العام، رفض 74% من المصريين استمرار النظام، وسط استمرار الأزمة الاقتصادية والاجتماعية واضطراب الحريات، كما أظهر استياءً واسعاً خاصة بين الشباب تحت سن الأربعين.

تصاعد الاستياء يتزامن مع إجراءات تقشفية اقتصادية وبرامج إصلاح ساعدت على نمو اقتصادي نسبي لكن مع زيادة في نسبة الفقر والغلاء، مما أدى إلى سوء الحالة المعيشية لدى أغلبية المواطنين.

التصريحات الرسمية تدعو إلى مواجهة المعلومات التي تنشرها منظمات حقوقية، في حين أن الواقع يعكس حالة من الإحباط والغضب الشعبي المتزايد.
 

التفاصيل والتصريحات الرسمية حول الضريبة الصحية
أصدر المتحدث باسم وزارة الصحة والسكان، د. حسام عبد الغفار، تصريحات رسمية أكد فيها أن الوزارة تبحث مع وزارة المالية فرض ضريبة صحية جديدة على المشروبات المحلاة بالسكر، وذلك بوصفها ضررًا صحيًا يسبب السمنة ويسهم في أمراض مزمنة.

وأشار إلى أن هناك سياسات صحية إضافية مثل تطبيق ملصقات تغذية أمامية لتعزيز وعي المستهلكين.

كما أكدت وزارة الصحة أن هدف الضريبة هو تعزيز الصحة العامة وليس فرض أعباء مالية إضافية.

كما حصلت مصر على جائزة دولية من منظمة الصحة العالمية في عام 2025 تقديراً لجهودها في مكافحة السمنة، في ظل هذه الإجراءات.
 

لماذا الضريبة على السكر؟
تأتي دراسات وخبراء الصحة العالمية في أكثر من مناسبة لتوصي بفرض ضرائب على المشروبات المحلاة بالسكر كآلية فعالة للحد من ظاهرة السمنة المتزايدة والسكري، خاصة في الدول النامية التي تشهد اتجاهاً مرتفعاً لهذه الأمراض.

الضريبة المتدرجة على نسبة السكر تحاكي نموذجًا دوليًا يتناسب مع تركيز السكر لخفض الاستهلاك دون أن يرهق المستهلكين، إلا أن هذه السياسة تأتي وسط أزمة اقتصادية تعيشها مصر، مما يزيد من أعباء المواطنين، ويُنظر إليها كخيار صحي بحت تتقاطع فيه أجندات الصحة العامة مع السياسة الاقتصادية، القرار ينتظر الحسم في ورش عمل مشتركة مقبلة بين وزارتي الصحة والمالية.
 

حوكمة صحية في ظل أزمة سياسية واقتصادية
في ظل حكم السيسي الذي يشهد تراجعًا شعبيًا واسعًا بسبب السلوك السلطوي والأزمات الاقتصادية والمعيشية، يأتي مقترح فرض ضريبة صحية على المشروبات المحلاة كخطوة صحية ضرورية لكنها تتزامن مع توترات سياسية واجتماعية قد تعرقل تطبيقها بشكل فعّال.

الحكومة تحاول دمج الابتكارات الصحية في سياق إصلاحات اقتصادية مصحوبة بزيادة الضرائب، فيما الشعب يعاني من الغلاء ويزيد رفضه للنظام.

يبقى السؤال قائماً حول مدى قدرة السلطة على تنفيذ هذه السياسات الصحية وسط الاستياء الشعبي والتحديات الاقتصادية الضاغطة.