في خطوة مفاجئة تحمل أبعادًا إنسانية وسياسية خطيرة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الثلاثاء، إغلاق معبر الكرامة (اللنبي) الرابط بين الضفة الغربية والأردن بشكل كامل حتى إشعار آخر. القرار الذي أوردته إذاعة الجيش الإسرائيلي يعكس تصعيدًا جديدًا ضد الفلسطينيين، ويهدد بمفاقمة الأوضاع المعيشية، خصوصًا أن المعبر يُعد المنفذ البري الوحيد لسكان الضفة نحو العالم الخارجي.
خلفية أمنية وسياسية
بحسب الرواية الإسرائيلية، جاء القرار بعد مقتل جنديين إسرائيليين في عملية إطلاق نار قرب المعبر الأسبوع الماضي. وكانت السلطات الإسرائيلية قد أغلقت المعبر عدة مرات في الأيام الماضية، قبل أن تقرر الآن الإغلاق الكامل والمفتوح المدى.
ويقول الخبير السياسي د. حسن نافعة إن “الإغلاق لا ينفصل عن السياسة الإسرائيلية العامة التي تهدف إلى فرض العزلة على الفلسطينيين، سواء في غزة أو الضفة. هذا القرار يوجه رسالة واضحة بأن إسرائيل تستخدم المعابر كأداة عقاب جماعي وورقة ابتزاز سياسي”.
تداعيات إنسانية مباشرة
الإغلاق ينعكس بشكل مباشر على حركة آلاف الفلسطينيين يوميًا:
- المرضى: كثير من الحالات المرضية تعتمد على تحويلات العلاج إلى الأردن والخارج.
- الطلبة: آلاف الطلبة الفلسطينيين في الجامعات الأردنية والأجنبية مهددون بفقدان فصولهم الدراسية.
- الاقتصاد: حركة التجارة بين الضفة والأردن ستتوقف، ما يعني مزيدًا من الغلاء والندرة.
ويؤكد الخبير الحقوقي رامي عبده، رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن “الإغلاق يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، كونه يفرض عقابًا جماعيًا على المدنيين، ويحرمهم من أبسط حقوقهم في التنقل والعلاج والتعليم”.
موقف السلطة الفلسطينية
أعلن نظمي مهنا، رئيس الهيئة العامة للمعابر والحدود في السلطة الفلسطينية، أن إسرائيل أبلغتهم رسميًا بقرار الإغلاق بدءًا من الأربعاء وحتى إشعار آخر. ودعت الهيئة المواطنين لمتابعة منصاتها لمعرفة المستجدات، محذّرة من أن القرار سيضاعف معاناة ملايين الفلسطينيين.
الأردن بين الضغوط والمخاوف
الأردن، الطرف المباشر في الأزمة، يجد نفسه أمام تحدي التوفيق بين التزاماته الأمنية والسياسية. في سبتمبر 2024 شهد المعبر عملية إطلاق نار نفذها سائق شاحنة أردني أسفرت عن مقتل ثلاثة إسرائيليين، ومنذ ذلك الحين زادت الضغوط الأمنية.
ويشير الخبير الاقتصادي د. وليد جاب الله إلى أن “الأردن متضرر أيضًا من القرار، فحركة التجارة العابرة للمعبر تشكل مصدر دخل للعديد من الشركات والمرافق، وإغلاقه يزيد الضغوط الاقتصادية على عمان ويضعها في مواجهة مع تبعات إنسانية متفاقمة في الضفة”.
استراتيجية إسرائيلية لخنق الضفة
يرى مراقبون أن إغلاق معبر الكرامة يعكس توجهًا استراتيجيًا لدى إسرائيل لفرض حصار مزدوج على الفلسطينيين، شبيه بما يجري في قطاع غزة. ويضيف د. حسن نافعة أن “هذا النمط من القرارات يسعى إلى تحويل الضفة إلى سجن كبير، بحيث لا يتمكن الفلسطيني من الخروج إلا بإذن إسرائيلي، وهو ما يزيد التوتر وينذر بانفجار”.
وفي النهاية فإغلاق معبر الكرامة يسلط الضوء على هشاشة حياة الفلسطينيين في الضفة، حيث تُترك أبسط حقوقهم رهنًا بقرار إسرائيلي أحادي. ومع غياب أي سقف زمني للقرار، يتوقع الخبراء أن تتفاقم الأزمات الإنسانية والاقتصادية، وأن يتحول المعبر إلى بؤرة جديدة للتوتر في المنطقة.