شهدت إيطاليا، اليوم الاثنين، حالة شلل واسعة النطاق بعد انطلاق إضراب عام غير مسبوق، دعت إليه النقابة العمالية القوية "USB"، وانضمت إليه عدة نقابات أخرى، ليصبح بمثابة صرخة مدوّية في وجه الحكومة الإيطالية من جهة، ورسالة تضامنية مع الشعب الفلسطيني في غزة من جهة أخرى.

الإضراب، الذي عمّ الموانئ والمطارات وقطاعات النقل والتعليم، حمل شعارًا واحدًا جمع مختلف المدن الإيطالية: "فلسطين في القلب". ولم يقتصر الحراك على التوقف عن العمل، بل امتد إلى شوارع أكثر من 75 مدينة، حيث خرج عشرات الآلاف في مسيرات رفعت لافتات تدعو إلى الحرية للشعب الفلسطيني وتندد بالعدوان الإسرائيلي المستمر، كما رفعت شعارات تطالب بوقف الإبادة الجماعية وقطع الدعم العسكري لإسرائيل، ومن أبرزها: "ليتوقف كل شيء.. فلسطين في القلب".

صحيفة "الجورنال" الإيطالية أشارت إلى أن هذا الإضراب اتخذ أبعادًا مزدوجة، إذ لم يكن مجرد دفاع عن الحقوق العمالية والاجتماعية في الداخل الإيطالي، بل شكل أيضًا موقفًا سياسيًا واضحًا مناصراً للقضية الفلسطينية، ورافضًا لموقف الحكومة الإيطالية المتواطئ مع الاحتلال. وأكدت الصحيفة أن المطالب التي رفعها المنظمون تركزت على ثلاثة محاور رئيسية:

  • رفض الإبادة الجماعية في فلسطين.
  • منع تزويد إسرائيل بالأسلحة ووقف مرور شحنات السلاح عبر الموانئ الإيطالية.
  • المطالبة بتدخل أوروبي ملموس لفك الارتباط مع جرائم الاحتلال، ودعم أسطول الصمود العالمي لإيصال المساعدات إلى غزة.

المفكر والاقتصادي الإيطالي لوتشانو فاسابولو علّق على الإضراب قائلاً: "فلسطين لم تعد مجرد قضية تخص شعبًا واحدًا، بل تحولت إلى رمز عالمي للمقاومة ضد الإمبريالية والرأسمالية المتوحشة. إن كل مسيرة في شوارع إيطاليا لأجل غزة، هي في الوقت نفسه دفاع عن حقوق الطبقات المستضعفة داخل بلادنا". وأضاف أن تعطيل مواقع الإنتاج واللوجستيات، مثل الموانئ، يمثل استراتيجية حقيقية لإيقاف ما وصفه بـ"سلسلة الموت"، في إشارة إلى شحنات الأسلحة المتجهة إلى مناطق النزاعات.

ولم يكن الإضراب رمزيًا فقط، بل انعكس عمليًا على الحياة اليومية في إيطاليا؛ إذ سجلت تقارير محلية توقفًا جزئيًا في حركة الشحن بالموانئ وتعطلًا لعدد من الرحلات الجوية والبرية، فضلًا عن شلل أصاب بعض المدارس والجامعات. وقد شكل ذلك رسالة قوية بأن القضية الفلسطينية قادرة على تحريك الرأي العام الأوروبي، وإحداث تأثير مباشر على البنية الاقتصادية للدول.