شهدت مصر خلال السنوات السبع الأخيرة (2019–2025) ارتفاعًا غير مسبوق في إنفاق الأفراد على النقل والمواصلات، إذ تضاعف الإنفاق أكثر من ثلاثة أضعاف، ما جعل الأسرة المصرية تتحمل عبئًا ماليًا كبيرًا مع كل رحلة أو استخدام للمواصلات.
الحكومة، من خلال رفع الأسعار والضرائب بشكل متواصل، ركّزت على زيادة الإيرادات على حساب القدرة الشرائية للمواطن، بينما يواجه المواطن ضغطًا مزدوجًا بين تكلفة النقل والغلاء في السلع الأساسية.
هذا الوضع أثار قلق خبراء الاقتصاد وحقوق الإنسان، الذين اعتبروا أن السياسات الاقتصادية الحالية لا تراعي مصالح المواطن.
تطور الإنفاق السنوي على النقل والمواصلات (2018–2025)
ووفقًا لتقرير BMI التابع لـ Fitch Solutions، شهدت مصر زيادة ملحوظة في الإنفاق على النقل والمواصلات خلال السنوات السبع الأخيرة:
- 2019: ارتفع بنسبة 8.8% ليصل إلى 3,900 جنيه.
- 2020: ارتفع بنسبة 9.8% ليصل إلى 4,282 جنيه.
- 2021: ارتفع بنسبة 12.2% ليصل إلى 4,805 جنيه.
- 2022: ارتفع بنسبة 14.4% ليصل إلى 5,495 جنيه.
- 2023: ارتفع بنسبة 18.2% ليصل إلى 6,493 جنيه.
- 2024: ارتفع بنسبة 24.6% ليصل إلى 8,092 جنيه، مع الإنفاق العام على النقل والمواصلات في الموازنة بلغ 7.7 مليار جنيه يشمل النقل العام وصيانة الطرق والمواصلات الجماعية.
- 2025: ارتفع بنسبة 29.2% ليصل إلى 10,450 جنيه مع استمرار زيادة أسعار الوقود؛ بنزين 95 بسعر 19 جنيهًا للتر، بنزين 92 بسعر 17.25 جنيهًا، بنزين 80 بسعر 15.75 جنيهًا، والسولار بسعر 15.5 جنيهًا للتر.
ملاحظة: هذه الأرقام تشمل أيضًا تذاكر النقل العام، الضرائب، رسوم المركبات، وتكاليف الصيانة وقطع الغيار، ما يزيد العبء المالي على المواطن يوميًا.
أسباب الزيادة في الإنفاق
- رفع الدعم التدريجي على الوقود منذ 2018.
- زيادة تعريفة النقل العام والمترو والحافلات.
- فرض رسوم وضرائب جديدة على المركبات، بما في ذلك لوحات السيارات ورسوم التسجيل السنوية.
- ارتفاع تكاليف الصيانة وقطع الغيار نتيجة التضخم وارتفاع أسعار الدولار، ما يجعل تكلفة تشغيل السيارة الخاصة مرتفعة للغاية.
تأثير الزيادة على المواطنين
العبء المالي على الأسر أصبح كبيرًا، خصوصًا الطبقات الوسطى والفقيرة، إذ يضطر المواطن لتقليص الإنفاق على السلع الأساسية.
كما زاد الاعتماد على وسائل النقل الجماعي المزدحمة وغير الرسمية، مما يزيد المخاطر اليومية.
عمرو عبد الهادي يرى أن المواطن يتحمل ثمن السياسات الاقتصادية الخاطئة للحكومة، وأن الضغط على الأسر أصبح غير محتمل.
تأثير التضخم على القدرة الشرائية
التضخم المرتفع يزيد تكلفة النقل بشكل مباشر، ويقلل القدرة الشرائية للمصريين. الزيادة المستمرة في أسعار الوقود والتذاكر تعكس جزءًا من السياسات الاقتصادية الحكومية غير المدروسة.
فهمي هويدي يؤكد أن المواطن يشعر بضغوط مزدوجة؛ ارتفاع الأسعار في النقل والغذاء معًا يزيد من معاناة الأسر ويضعف القدرة على التكيف مع التغيرات الاقتصادية.
الفشل في تحسين البنية التحتية
رفع التعريفات دون تحسين خدمات النقل العام يعكس فشل السياسات الحكومية. نقص الحافلات الكهربائية والمترو الجديد يجعل المواطن يعتمد على وسائل نقل أقل أمانًا وكفاءة.
وليد شرابي يشير إلى أن الحكومة تلقي عبء رفع الدعم والضرائب على المواطنين بدلًا من تطوير البنية التحتية للنقل.
بينما جمال سلطان يرى أن رفع التعريفات بدون تحسين الخدمات يعكس قصور السياسات الحكومية وعدم مراعاة المواطن.
حقوق المواطن في التنقل
ارتفاع أسعار النقل المستمر يعد انتهاكًا لحق المواطن في التنقل الاقتصادي والاجتماعي.
العبء المالي على الأسر ينعكس على مستوى المعيشة ويزيد من معاناة المواطنين.
جمال عيد يؤكد أن الحكومة تتحمل المسؤولية في حماية حقوق المواطنين وتخفيف الضغوط الاقتصادية اليومية.
التوصيات والبدائل
- إعادة تقييم سياسات رفع الدعم التدريجي للوقود وتأثيرها على المواطنين.
- تحسين خدمات النقل العام لزيادة الكفاءة وتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة.
- فرض ضوابط صارمة على أسعار المواصلات الجماعية لتخفيف العبء المالي على الأسر.
- دعم مشاريع البنية التحتية للنقل العام مثل المترو والحافلات الكهربائية لضمان استدامة الخدمات.
وختاما فارتفاع إنفاق المصريين على النقل والمواصلات خلال الفترة 2018–2025 يعكس ضغوطًا مالية متزايدة على المواطنين، وسط سياسات حكومية تركز على رفع الأسعار والضرائب دون مراعاة القدرة الشرائية للمواطن. آراء الخبراء المعارضين تشير إلى ضرورة إعادة النظر في السياسات الاقتصادية لحماية الأسر من الغلاء المستمر، وضمان تحسين جودة النقل العام وخدمات التنقل بما يحقق التوازن بين الإيرادات الحكومية وحقوق المواطنين.