دشّنت إثيوبيا، اليوم الثلاثاء 9 سبتمبر 2025، في مشهد احتفالي ضخم، مشروعها الأضخم على الإطلاق، سد النهضة الإثيوبي الكبير، الذي يُعدّ أكبر سد كهرومائي في القارة الإفريقية.

وجرت مراسم الافتتاح في ولاية بني شنقول-قمز غرب البلاد، بحضور رئيس الوزراء آبي أحمد، وعدد من كبار المسؤولين الإثيوبيين وحشود من المواطنين الذين شاركوا في الاحتفال وسط أجواء وطنية لافتة.

وقال آبي أحمد، في كلمته أمام السد، إن المشروع يمثل "رمزا للوحدة الوطنية والنهضة الاقتصادية لإثيوبيا"، مشددا على أن السد سيغيّر وجه التنمية في بلاده، ويفتح آفاقا جديدة في مجال توليد الكهرباء وتحقيق الاكتفاء الطاقي.

ومن المقرر أن ينتج السد أكثر من 5 آلاف ميغاوات من الكهرباء، أي ما يعادل ضعف الإنتاج الحالي لإثيوبيا من الطاقة، الأمر الذي من شأنه أن يحوّل البلاد إلى مركز إقليمي لتصدير الكهرباء إلى دول الجوار، إضافة إلى تحقيق إيرادات سنوية متوقعة تصل إلى مليار دولار.

الاحتفال تخلله عرض موسيقي قدّمته الفرقة العسكرية الإثيوبية، في مشهد وُصف بالرمزي على خلفية التوترات الإقليمية التي صاحبت بناء السد، حيث نقلت وسائل الإعلام المحلية الحدث مباشرة إلى ملايين المتابعين في الداخل والخارج.
 

جدل إقليمي وصراع مصالح
رغم الطابع الاحتفالي للحدث، فإن السد ظل منذ سنوات محور خلاف سياسي حاد بين إثيوبيا من جهة، وكل من مصر والسودان من جهة أخرى. وتخشى القاهرة والخرطوم من تداعيات المشروع على حصتيهما التاريخيتين من مياه النيل، خصوصا مع عدم التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية ملء وتشغيل السد.

وفي خطوة تعكس تصاعد التوتر، أعلنت وزارة الخارجية المصرية، اليوم الثلاثاء، أنها وجّهت خطابا عاجلا إلى مجلس الأمن الدولي عقب إعلان أديس أبابا افتتاح السد رسميا.

وأكد البيان المصري رفض القاهرة "كافة الإجراءات الأحادية على نهر النيل"، معتبرا أن هذه الخطوات "تمثل تهديدا مباشرا للأمن المائي لدولتي المصب، مصر والسودان".
 

الموقف المصري والسوداني
من جانبه، صرّح وزير الموارد المائية والري المصري أمس بأن البلاد دخلت بالفعل مرحلة "حرجة من الندرة المائية"، مشيرا إلى لجوء الحكومة إلى إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والصحي لتلبية الاحتياجات المتزايدة.

أما على المستوى الشعبي، فقد عبّر قطاع واسع من المصريين والسودانيين عن غضبهم واستيائهم مما وصفوه بـ"غياب الدور الفعّال" لحكومتي القاهرة والخرطوم في مواجهة المشروع الإثيوبي.
وذهب بعض الأصوات إلى المقارنة مع تجارب إقليمية مثل النزاع الهندي-الباكستاني على مياه الأنهار، مشددين على أن الصراع حول المياه يمثل قضية وجودية لا تحتمل التهاون.
 

بين التنمية والصراع
في الوقت الذي ترى فيه إثيوبيا السد "مشروعا للبركة والمنفعة المتبادلة"، بحسب وصف مسؤوليها، يراه جيرانها تهديدا مباشرا لأمنهم القومي والغذائي. وبين خطاب التنمية الإثيوبي والمخاوف المصرية والسودانية، يبقى سد النهضة عنوانا لأحد أعقد النزاعات المائية في العالم المعاصر، حيث تتقاطع فيه الجغرافيا مع السياسة، والاقتصاد مع الأمن القومي.

ومع بدء التشغيل الرسمي للسد، يبدو أن المنطقة مقبلة على مرحلة أكثر حساسية، سواء على صعيد المفاوضات الدبلوماسية أو احتمالات التصعيد، في وقت يترقب فيه الملايين مصير النيل الذي كان عبر تاريخه شريان حياة لا يقبل القسمة بسهولة.
 

شاهد:
https://www.youtube.com/watch?v=LbhvaPIqqiQ
https://www.facebook.com/Albawabanewspaper/posts/pfbid02GeHmB5ASup4zRz6xBe7GhUG2MVrNFykqsPwALRYz5drXaik1nRYNqRJph2E2oqd4l