شكرًا لمشاركة النص. إليك النسخة المنقحة لغويًا وإملائيًا، مع ضبط علامات الترقيم والتنسيق الكتابي المناسب:


في تطور جديد للأزمة المستمرة حول سد النهضة الإثيوبي، خرج الإعلامي أحمد موسى ليُحمّل مسؤولية بناء السد لما أسماه "خراب 2011"، مؤكدًا أن الإخوان كانوا شركاء في تنفيذه، وأن الفوضى التي أعقبت الثورة هي السبب في تمكين إثيوبيا من تنفيذ مشروعها المائي. تصريحات موسى تعكس بشكل واضح أسلوب الإعلام الرسمي المصري في محاولة تسييس الأزمات الوطنية، وتغطية إخفاقات النظام على حساب ثوابت الدولة والمصالح المائية لمصر.

 

ومع ذلك، فإن الواقع على الأرض ينفي بشكل صريح ما ذهب إليه موسى، حيث أكد وزير المياه والطاقة الإثيوبي، هابتامو إيتيفا، أن بناء السد وملأه لم يكن مرتبطًا بالأوضاع السياسية في مصر بعد 2011، بل جاء وفق إعلان المبادئ الموقع عام 2015 بين مصر والسودان وإثيوبيا، وهو الاتفاق الذي منح الجانب الإثيوبي الشرعية القانونية والسياسية للشروع في المشروع. هذه الحقيقة تكشف زيف محاولات الإعلام المصري إلصاق مسؤولية السد بالثورة والإخوان، وتوضح أن الأزمة كانت قابلة للمعالجة عبر سياسات دبلوماسية ومفاوضات جادة، وليس عبر تسييس الملف وتحويله إلى أداة للهجوم على خصوم سياسيين داخليين.

على جانب آخر، تكشف تصريحات رضا فهمي، المسؤول السابق في ملف المياه، جانبًا آخر من تخاذل النظام المصري بقيادة السيسي. فوفق فهمي، رفض النظام المصري توجيه أي ضربة ردعية لإثيوبيا خلال رئاسة الرئيس محمد مرسي، على الرغم من المخاطر المائية الواضحة لمصر. هذا الرفض يظهر أن التذرع بالثورة أو الإخوان لتبرير الفشل في مواجهة أزمة السد ليس إلا غطاءً إعلاميًا يهدف إلى صرف الأنظار عن تقصير النظام الحالي في حماية الأمن المائي الوطني.

 

الإعلام الموالي للسيسي اعتمد طوال السنوات الماضية على خطاب تبريري متكرر: "خلاص السيسي حلّها، اطمئنوا، بطلوا هري"، في محاولة واضحة للتقليل من أهمية الأزمة وإيهام الجمهور بأن الحكومة تتصرف بكفاءة.
لكن الواقع يشير إلى أن هذه الشعارات لم تترافق مع خطوات عملية حقيقية لوقف التدهور في ملف السد، سواء عبر ضغوط دبلوماسية فعالة أو استراتيجيات قانونية واضحة.
بدلًا من ذلك، تم تصدير الأزمة على شكل حرب إعلامية داخلية، تستهدف خصوم النظام السياسي بدل مواجهة الجانب الإثيوبي بحزم.

تظل هذه الممارسات الإعلامية والسياسية مؤشر خطر على الوعي العام، إذ إنها تعمل على تشويه الحقائق وتحويل الملفات الحيوية إلى صراعات سياسية داخلية.
بينما كانت مصر تستطيع أن تضع نفسها في موقف قوة خلال المفاوضات بعد 2011، فإن التردد والتخاذل في عهد السيسي أفقدا الدولة فرصة التفاوض من منطلق القوة، وجعلا ملف السد أحد أكبر التحديات المستقبلية للمياه في البلاد.

في النهاية، تشير جميع الوقائع إلى أن محاولة إلصاق المسؤولية بالثورة والإخوان ليس إلا جزءًا من حملة تضليلية لتغطية إخفاقات النظام الحالي.
تصريحات موسى وأمثاله ليست سوى صوت إعلامي يحاول إخراج الدولة المصرية من مأزق سياسي داخلي، عبر تسييس الأزمات الوطنية وتحويلها إلى صراعات داخلية.
بينما الحقيقة على الأرض، كما أكدها وزير المياه الإثيوبي ورضا فهمي، أن الأزمة مرتبطة أساسًا بتردد النظام وفشله في اتخاذ خطوات حقيقية لحماية الأمن المائي لمصر، وليس بثورات أو أحزاب سياسية سابقة.

بهذا المنطق، يظل ملف السد الإثيوبي درسًا صريحًا حول مخاطر التخاذل السياسي والإعلامي، وعن مدى قدرة الدولة على إدارة أزمات مصيرية في ظل سياسات تغطي الفشل بالاتهامات الزائفة والخطابات الإعلامية الرنانة.