كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في تقرير مثير أن الرئيس السوري أحمد الشرع نجا من ثلاث محاولات اغتيال خلال سبعة أشهر فقط، في سلسلة حوادث خطيرة تعكس تصاعد المخاطر الأمنية المحيطة به.

ووفقاً للتقرير، وقعت المحاولة الأولى في مارس الماضي، حين رصدت وحدة تركية متخصصة تحركات مريبة أثناء مغادرة قائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني قصر الشعب بدمشق. تدخلت وحدة الحماية الرئاسية بسرعة، حيث اشتبك ثلاثة من الحراس مع المهاجم الذي كان يخطط لاستهداف الرئيس، وجرى اعتقاله فوراً. وبأوامر مباشرة من الشرع، تم التعتيم الإعلامي الكامل على الحادثة، في محاولة منه للحفاظ على صورة الرجل القوي الذي لا يجرؤ أحد على منازلته.

أما المحاولة الثانية، فكانت أكثر تعقيداً وخطورة، حيث استهدفت الشرع خلال زيارة رسمية إلى محافظة درعا على الحدود مع الأردن. بحسب الصحيفة، فإن أجهزة الحماية السورية المدعومة بوحدات تركية رصدت شخصين مشبوهين في محيط الموكب الرئاسي، ليتم على الفور تعديل المسار في اللحظة الأخيرة وإفشال المخطط قبل أن يُنفذ.

وجاءت المحاولة الثالثة لتشكل أخطر التهديدات حتى الآن. فقد نصبت مجموعة مجهولة كميناً مميتاً للرئيس داخل العاصمة دمشق، على الطريق المتوقع لتحركه من القصر الرئاسي. وبينما لم يتم الكشف حتى الآن عن كافة تفاصيل هذا الهجوم، إلا أن المصادر تؤكد أن الشرع غادر القصر بشكل عاجل، ما أطلق موجة شائعات عن اضطراره لمغادرة العاصمة تحت ضغط التهديدات الأمنية المتزايدة.

 

استنفار أمني

تقرير "يديعوت أحرونوت" ألقى الضوء على حالة غير مسبوقة من الاستنفار الأمني داخل الدوائر المحيطة بالرئيس السوري، وأشار إلى تنامي التهديدات الداخلية والخارجية التي تهدد بزعزعة استقرار النظام في دمشق.

وكشف المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، الذي يشغل منصب السفير لدى تركيا، بتصريحات مدروسة عن محاولات اغتيال الشرع، وتحدث عن ضرورة حمايته وحذر من "تهديدات بالغة الخطورة".

وأضافت الصحيفة، أن من المفهوم أن تعتمد الولايات المتحدة بشكل رئيسي على كبار مسؤولي الاستخبارات في تركيا،  ووافق باراك على القول في هذا الشأن إن "الولايات المتحدة تشعر بقلق متزايد بشأن سلامة الشرع"، مضيفا أنه "يجب علينا إنشاء وحدة أمنية خاصة لحماية حياة الرئيس".

وتقول الصحيفة، أن "تنظيم داعش متورط في محاولات الاغتيال الثلاث، وفي الوقت الحالي، ليس من الواضح كيف تمكنوا من إدخال إرهابيين إلى دمشق وتزويدهم بالمتفجرات".

بالأمس، بدا وكأن جولة القتل في السويداء قد انتهت، لم تكن هناك سوى أعمال شغب بين البدو والدروز، والعكس صحيح حيث وصلت قوات الجيش السوري لمراقبة هدوء حذر بعد أربعة أيام من العنف.

وأشارت إلى أن "الرئيس الشرع، الذي انكشفت حقيقته في ذروة ضعف حكمه، سارع إلى توجيه اتهامات قاسية لإسرائيل، واعتبر أن التدخل الإسرائيلي في جنوب البلاد وفي دمشق هو ما أدى إلى تهديد أمن سوريا".

 

هل انتقلت الرسائل من أنقرة إلى قصر المهاجرين في دمشق؟

وكشف رئيس الوزراء نتنياهو أن "إسرائيل وجهت تحذيرات صريحة لكبار المسؤولين السوريين، ووفقا لتقارير أجنبية، ربما وُجهت هذه التحذيرات خلال المفاوضات شبه السرية التي جرت في أذربيجان.

كما وجهت إسرائيل وفق الصحيفة، تحذيرا مماثلا للأتراك، فرغم الأزمة بين أنقرة والقدس، يجري حوار أيضًا مع الأتراك، وإن كان محدودا، حول القضايا الأمنية، إلا أن إسرائيل انتهزت الفرصة لتوضيح لراعيها التركي أنها لن تمتنع عن الرد بعد هجمات الدروز.

والآن يحاول الشرع إلقاء اللوم على إسرائيل، وكأنها تحاول تحويل سوريا إلى أرض صراع من أجل تقسيم شعبها.

وتابعت، "الآن يُطلق ادعاءات تهدف إلى تحميل إسرائيل كامل المسؤولية عن جرائم القتل المروعة. الكيان الإسرائيلي - الذي سيتحول بعد قليل إلى لقب إيراني مهين الكيان الصهيوني يحاول، كما يتهم، تحويل سوريا إلى ساحة حرب لتقسيم شعبنا".

ويبدو أن على الشرع أن يُثبت، ليس فقط لإسرائيل، بل وقبل كل شيء للولايات المتحدة والسعودية، اللتين تُشككان فيه بشدة، أنه غيّر بالفعل نظرته للعالم كجهادي بحسب تقرير الصحيفة.

وقالت إن هذا مُربك بلا شك: فمن جهة، بعد إخراج إيران من سوريا (وهي مصلحة مشتركة مع إسرائيل)، أقسم مرارًا وتكرارا أن سوريا تُعلن الحرب على الفقر والبطالة فقط. ومن جهة أخرى، هو من أرسل مقاتلين جهاديين بزي الجيش السوري إلى السويداء. وهو لا يملك جيشًا حقيقيا.

وختمت الصحيفة تقريرها بالقول، إن "عندما تخمد النيران، سيُجبر الرئيس الشرع على اتخاذ قرارات. حتى لو وجَّه انتقادات لاذعة لإسرائيل، وحتى لو أثار مخاوف حقيقية بشأن قيادته وسلطته، ستحين اللحظة التي ستعود فيها إسرائيل وسوريا، بضغط أمريكي هادئ، إلى طاولة المفاوضات. فسوريا، مثل إسرائيل، لديها ما تخسره".