أعلن مجلس السيادة الانتقالي في السودان، موافقة رئيسه الفريق أول عبد الفتاح البرهان على هدنة إنسانية لمدة أسبوع في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، التي تشهد تصعيدًا عسكريًا خطيرًا منذ أكثر من شهر ونصف.

وجاءت الموافقة – بحسب بيان رسمي صادر اليوم الجمعة – استجابة لطلب شخصي من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، خلال مكالمة هاتفية مع البرهان، طالب فيها الأخير بوقف مؤقت لإطلاق النار لأغراض إنسانية، بهدف تأمين إيصال المساعدات والإغاثة للمدنيين المحاصرين في المدينة.

وذكر البيان أن "رئيس مجلس السيادة شدد على ضرورة الالتزام بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالوضع في السودان، وخصوصًا تلك التي تدعو إلى وقف القتال وتسهيل العمليات الإنسانية".

إلا أن البيان لم يحدد موعدًا دقيقًا لبدء تنفيذ الهدنة، ما يترك مصيرها رهينًا برد الطرف الآخر في النزاع، وهو قوات "الدعم السريع" بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو "حميدتي"، المدعومة من الامارات.

 

الفاشر تحت النار.. ونداءات الإنقاذ تتصاعد
تشهد مدينة الفاشر، منذ العاشر من مايو 2024، معارك ضارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أسفرت عن مئات القتلى وآلاف الجرحى، وسط اتهامات متبادلة باستخدام القوة المفرطة، وقصف للمناطق السكنية.

وتكتسب المدينة أهمية استراتيجية خاصة، كونها مركزًا لعمليات الإغاثة الإنسانية لجميع ولايات دارفور الخمس، ما جعل المجتمع الدولي يحذر مرارًا من كارثة إنسانية وشيكة إذا استمرت المعارك داخلها.

ووفق تقارير منظمات دولية، فإن أكثر من 600 ألف مدني عالقون داخل الفاشر في ظروف معيشية وصحية بالغة السوء، دون كهرباء أو ماء أو إمدادات طبية كافية، مع شلل كامل للخدمات الصحية وغياب الأمن.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن معظم المستشفيات والمرافق الطبية خرجت عن الخدمة بسبب القصف المتبادل أو احتلالها من قبل الأطراف المتحاربة.

 

توافق سياسي هش.. وتطورات على صعيد السلطة
على صعيد موازٍ، رحّب الأمين العام للأمم المتحدة بتعيين الدكتور كامل إدريس رئيسًا جديدًا لمجلس الوزراء، معتبراً ذلك "خطوة مهمة على طريق استعادة الانتقال المدني في السودان".
إدريس، الحاصل على الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة جنيف، يُعد شخصية أكاديمية مرموقة وسبق أن ترشح لرئاسة الجمهورية عام 2010.

وكان الفريق البرهان قد أصدر مرسومًا دستوريًا في 19 مايو الماضي بتعيين إدريس، الذي أدى اليمين الدستورية في 31 من الشهر نفسه، وسط ترحيب حذر من بعض القوى السياسية، ورفض من أخرى تعتبر أن تعيينه دون توافق وطني أوسع يفتقر إلى الشرعية الثورية والمدنية.

 

حرب مفتوحة وكلفة إنسانية مروّعة
تعيش السودان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، منذ اندلاع الصراع المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع المدعومة من الامارات في 15 أبريل 2023. وتشير تقارير رسمية إلى مقتل أكثر من 20 ألف شخص، فيما قالت دراسة مشتركة أعدتها جامعات أمريكية بارزة إن عدد الضحايا قد يقترب من 130 ألفًا، وسط تعتيم إعلامي وصعوبات كبيرة في توثيق الانتهاكات.

وفيما تؤكد الأمم المتحدة أن الحرب تسببت في نزوح أكثر من 15 مليون شخص داخليًا ولجوء مئات الآلاف إلى الدول المجاورة، فإن جهود الوساطة الدولية تعثرت مرارًا بسبب تعنت الأطراف، وتضارب المصالح الإقليمية والدولية حول السودان، خاصةً في ظل التنافس على الموارد والموقع الجغرافي الحساس للبلاد.