تشهد أسواق الأسمدة هذه الأيام حالة من الاضطراب الحاد في ظل توقف عدد من المصانع عن الإنتاج بسبب أزمة نقص الغاز الطبيعي، الأمر الذي أدى إلى قفزات قياسية في أسعار الأسمدة الحرة تجاوزت 40% في أقل من أسبوعين، وفقًا لتقديرات تجار وموزعين محليين. ويُرجع الخبراء هذا الارتفاع الحاد إلى أزمة متفاقمة في إمدادات الغاز الطبيعي، بعد توقف وصول الغاز من حقل ليفياثان الإسرائيلي نتيجة الحرب بين إسرائيل وإيران وايضا بعد توقف الحرب، وهو ما أثّر بشكل مباشر على تشغيل مصانع الأسمدة المحلية التي تعتمد بشكل أساسي على الغاز كمصدر رئيسي للإنتاج. أسعار نارية تضرب السوق الحرة بحسب تجار في محافظات مختلفة تحدثوا لموقع "العربية Business"، فقد بلغ سعر شكارة سماد اليوريا (وزن 50 كغم) بين 1600 و1700 جنيه مقارنة بنحو 1200 جنيه في أفضل حالاته خلال العام الماضي. أما شكارة سماد النترات فارتفعت إلى ما بين 1100 و1200 جنيه، وسط تفاوت في الأسعار من منطقة إلى أخرى تبعًا لحجم الطلب والمعروض. وأوضح أحد التجار أن الكميات المتاحة لدى الموزعين والوكلاء قليلة جدًا، في ظل عدم وجود مؤشرات على قرب حل أزمة الغاز، ما يدفع بعض التجار إلى تسعير الأسمدة بحرية وفقًا للعرض والطلب. نقص في الأسمدة المدعمة وتراجع المخزون الأزمة لم تتوقف عند حدود السوق الحرة فقط، بل امتدت إلى منظومة الأسمدة المدعمة التي توفرها وزارة الزراعة عبر الجمعيات التعاونية. فقد تراجع المخزون من هذه الأسمدة إلى أقل من 160 ألف طن مقارنة بـ 300 ألف طن في بداية موسم الزراعة الصيفي. وتلتزم المصانع المصرية عادة بتوريد نحو 220 ألف طن شهريًا من الأسمدة المدعمة، إلا أن أزمة الغاز أدت إلى تقليص هذه الكمية إلى النصف تقريبًا، وهو ما أجبر وزارة الزراعة على توزيع الكميات المتاحة على دفعات تمتد طوال الموسم بدلاً من تسليمها دفعة واحدة. وقالت الوزارة في بيان رسمي إن صرف الأسمدة يتم على دفعتين أو ثلاث للمزارع الواحد، حرصًا على توزيع الكميات بشكل عادل بين مختلف المحافظات، ولتفادي حدوث عجز تام في بعض المناطق. زيادة أسعار النقل والمحروقات تؤجج الأزمة في أبريل الماضي، أعلنت وزارة الزراعة رفع أعباء نقل الأسمدة بنحو 80 جنيهًا للطن، على خلفية الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود، وهو ما انعكس مباشرة على أسعار الأسمدة المدعمة، حيث بلغت: سعر شيكارة اليوريا: 264 جنيهًا سعر شيكارة النترات: 259 جنيهًا سعر شيكارة السلفات: 264 جنيهًا ويؤكد خبراء أن هذه الزيادات، رغم كونها مدعومة، تُثقل كاهل الفلاح الذي بات يواجه ارتفاعات كبيرة في تكاليف الإنتاج من جميع الاتجاهات. موسم الزراعة في مهب الريح مع استمرار الأزمة، يتخوف العديد من المزارعين من انعكاسات سلبية على إنتاج المحاصيل الصيفية، وعلى رأسها الأرز والذرة والقطن. فمع ارتفاع تكلفة الأسمدة وتراجع الكميات المتاحة، أصبح من الصعب على الكثير من الفلاحين الالتزام بخطط التسميد الضرورية لنمو المحاصيل بالشكل الأمثل. ويحذر خبراء الزراعة من أن استمرار الأزمة دون تدخل حكومي عاجل قد يؤدي إلى انخفاض إنتاجية الفدان، وبالتالي زيادة الأسعار في الأسواق المحلية، ما قد يهدد الأمن الغذائي المصري على المدى القريب.