في ظل حكم قائد الانقلاب العسكري المصري عبد الفتاح السيسي، تستمر أزمة سيارات ذوي الإعاقة في مصر، حيث تعاني هذه الفئة من مشاكل معقدة في الإفراج عن سياراتهم المخصصة لهم، مما يفاقم معاناتهم ويثير استياء واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي وصفحات الدعم الخاصة بهم.
أزمة موانئ السيارات المكدسة
تتكدس نحو 30 ألف سيارة مخصصة لذوي الإعاقة في موانئ مصر، خاصة في موانئ بورسعيد والسويس، منذ نهاية عام 2024 وحتى منتصف 2025، بسبب إجراءات جمركية صارمة وتعقيدات إدارية فرضتها مصلحة الجمارك، حيث يجب على المستفيدين إثبات سداد قيمة السيارة أو جزء منها من حساباتهم الشخصية أو حساب أقاربهم من الدرجة الأولى خلال شهر من تقديم طلب الإفراج.
هذا الإجراء الذي يبدو بسيطاً في ظاهره، يتحول إلى عقبة كبرى بسبب بطء الإجراءات وتعقيدها، مما أدى إلى توقف نظام الصرف الجمركي واحتجاز السيارات في الموانئ لفترات طويلة.
توقف ترخيص السيارات بحجة مراجعة الأوراق
بالإضافة إلى مشكلة الإفراج الجمركي، تواجه سيارات ذوي الإعاقة التي تم الإفراج عنها إشكالية جديدة في المرور، حيث تم تعليق ترخيصها بحجج تتعلق بمراجعة الأوراق المتعلقة بمعاش تكافل وكرامة، رغم أن هذه الإجراءات لا تستغرق دقائق كما يُزعم.
هذا التعطيل يعرقل استفادة أصحاب السيارات من حقوقهم الأساسية، ويزيد من معاناتهم اليومية، خاصة أن كثيرين منهم يعتمدون على هذه السيارات للتنقل والحركة.
واقع مأساوي
في نوفمبر 2024، صرح اللواء جمال عوض، رئيس الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، أن الدولة "تولي اهتمامًا كبيرًا بذوي الإعاقة" وأن هناك "منظومة إلكترونية متكاملة تربط بين كافة الجهات لضمان سرعة تقديم الخدمات"، لكن الواقع يكذّب هذه التصريحات، إذ تظهر الشكاوى بشكل يومي عبر صفحات مثل:
- "سيارات المعاقين بدون وساطة"
- "حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر"
- "تظلمات سيارات الإعاقة"
بعض المنشورات تحمل صورًا لعائلات تستغيث بعد حجز السيارات لأشهر، وأخرى تطالب بمحاسبة مسؤولين عن التباطؤ في المنافذ الجمركية والمجالس الطبية.
احتجاجات وصمت إعلامي
في الوقت الذي يصمت فيه الإعلام الرسمي، تتصاعد أصوات المحتجين رقميًا. حملات مثل #سيارات_المعاقين_فين و #ارحموا_ذوي_الإعاقة حققت انتشارًا كبيرًا على "فيسبوك" و"تويتر" بداية من يناير 2025 وحتى اليوم.
شكاوى المواطنين تفضح حالة من "التمييز السلبي"، بحسب وصف ناشطين، حيث يُعامل ذوو الإعاقة كأنهم عبء على الدولة.
منظومة قانونية معطلة
رغم صدور القانون 10 لسنة 2018 ولائحته التنفيذية في 2019، فإن التطبيق متعثر، المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، المفترض أن يكون صوت هذه الفئة، لا يملك صلاحيات رقابية أو تنفيذية حقيقية، ولا يتم إشراكه في القرارات المتعلقة بالمنظومة الجمركية أو إجراءات المرور.
ويطرح ناشطون تساؤلًا مشروعًا: "ما فائدة وجود هذا المجلس إذا لم ينجح حتى في الضغط لترخيص السيارات المتوقفة منذ شهور؟"
عبء اقتصادي ونفسي على الأسر
إضافة إلى المأساة الإدارية، هناك تداعيات اقتصادية كبيرة، كثير من الأسر اضطرت للاقتراض لسداد ثمن السيارة، أو دفع رسوم الجمارك، أو استخراج شهادات الكشف الطبي، وفي ظل إيقاف الترخيص، تبقى السيارة "حديدًا بلا قيمة".
أحد المواطنين من الجيزة نشر استغاثة بتاريخ 3 يونيو 2025 قال فيها:
"اشتريت السيارة وسددت الجمارك بعد ما بعت دهب زوجتي، ومن وقتها مرّ شهرين دون ترخيص، كل يوم أروح المرور يقولوا منتظرين رد من التضامن!"
تدخلات حكومية متأخرة
في يناير 2025، أصدر مجلس الوزراء قراراً بضرورة تقديم إثباتات مالية واضحة من ذوي الإعاقة أو أقاربهم، مع فرض غرامات على السيارات التي لم تستوفِ الاشتراطات، حيث حددت مصلحة الجمارك غرامة لا تتجاوز 10 آلاف جنيه كبديل عن إعادة التصدير.
كما أصدرت مصلحة الجمارك في مارس 2025 تعليمات جديدة تهدف إلى تسهيل الإفراج عن 75% من السيارات المكدسة، عبر قبول مستندات تثبت الملاءة المالية، سواء كانت حسابات بنكية أو عقود بيع، مع فتح نافذة إلكترونية لتقديم هذه المستندات بدلاً من التوجه إلى الموانئ، رغم هذه الخطوات، لا تزال الأزمة قائمة بسبب تعقيدات التنفيذ وبيروقراطية الجهات المعنية.
شروط صارمة
أعلنت مصلحة الجمارك في أبريل 2025 شروطاً جديدة للإفراج عن سيارات ذوي الإعاقة، تضمنت تحديد سعة المحرك بحد أقصى 1200 سي سي، واستثناء السيارات ذات المحرك التربو، مع إلزام المتقدمين ببطاقة الخدمات المتكاملة، وكشف طبي شامل، وإقرار بعدم التصرف في السيارة قبل مضي خمس سنوات، إضافة إلى ضرورة استيراد السيارة باسم صاحب الإعاقة نفسه.
هذه الشروط، رغم هدفها المعلن في مكافحة التلاعب، تضع قيوداً إضافية على ذوي الاحتياجات الخاصة، وتزيد من تعقيد حصولهم على سياراتهم.
شكاوى مستمرة
تكثر الشكاوى على صفحات التواصل الاجتماعي ومواقع الدعم الخاصة بذوي الإعاقة، حيث يعبر المستفيدون عن استيائهم من بطء الإجراءات وتعطيل حقوقهم، مؤكدين أن الإجراءات الجمركية والمرورية أصبحت عقبة كبرى تحول دون حصولهم على سياراتهم أو استخدامها بشكل قانوني.
كما يشيرون إلى أن مراجعة مستندات تكافل وكرامة، التي يفترض أن تكون سريعة، تستغرق وقتاً طويلاً بشكل غير مبرر، مما يعطل ترخيص سياراتهم ويجعلهم عالقين في دوامة من الإجراءات الإدارية.
تظل أزمة سيارات ذوي الإعاقة في مصر نموذجاً على فشل النظام الانقلابي في توفير أبسط حقوق المواطنين، حيث تتشابك الإجراءات الجمركية والمرورية مع البيروقراطية والقيود القانونية لتجعل من حق التنقل لذوي الاحتياجات الخاصة حلماً بعيد المنال.
رغم بعض الإجراءات الحكومية التي تهدف إلى التخفيف من الأزمة، إلا أن البطء والتعقيد لا يزالان يسيطران على المشهد، مما يستدعي مراجعة شاملة للسياسات والإجراءات لضمان حقوق هذه الفئة الإنسانية التي تعاني من الإهمال والتهميش تحت حكم السيسي.