بدأت سلطات عبدالفتاح السيسي، حملة أمنية موسعة ضد ناشطين أجانب وعرب شاركوا في فعاليات تضامنية مع أهالي قطاع غزة، شملت اعتقالات من داخل الفنادق، وترحيلات قسرية، واعتداءات جسدية، وسط حالة من التعتيم الإعلامي الرسمي.

وقال مصدر إن قوة أمنية كبيرة تضم قرابة 15 مركبة شرطة اقتحمت محيط ميدان طلعت حرب، وسط القاهرة، مساء الأحد، ورافقت حافلة ضخمة جرى تحميلها بعشرات الناشطين والناشطات من جنسيات عربية وأجنبية، كانوا يستعدون للمشاركة في فعالية "المسيرة العالمية إلى غزة".

وأضاف المصدر أن معظم من تم ترحيلهم كانوا قد اعتُقلوا قبل أيام من داخل أماكن إقامتهم في فنادق وسط القاهرة، وأن من بينهم مواطنون من تونس وكندا وجنسيات أوروبية أخرى، مشيرًا إلى أن السلطات لم توضح أسباب الترحيل أو الوجهة النهائية للمرحلين.

وأكد أن بعض النشطاء تعرّضوا للضرب والإهانة اللفظية، وتمّت مصادرة جوازات سفرهم قبل إعادتهم إلى مطار القاهرة لترحيلهم قسرًا.

 

قمع ممنهج للمسيرة إلى غزة
وتأتي هذه الحملة في سياق منع السلطات لأي تحركات شعبية أو دولية تضامنية مع سكان غزة، رغم استمرار الإبادة الجماعية في القطاع منذ أكثر من 8 أشهر.

وكان الناشطون ينوون المشاركة في "المسيرة العالمية إلى غزة"، وهي مبادرة مدنية سلمية تهدف للوصول إلى معبر رفح، والمطالبة بفتحه بشكل دائم أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية. غير أن القاهرة لم تسمح لهم بالاقتراب من سيناء أو التنقل بحرية داخل العاصمة.

 

تعقيدات سياسية حول "قافلة الصمود"
في سياق متصل، تواجه "قافلة الصمود"، التي تضم مئات المتضامنين من جنسيات عربية وأجنبية، عراقيل إضافية بعد أن توقفت منذ أيام في مدينة سرت الليبية، على بعد مئات الكيلومترات من معبر رفح، في انتظار الحصول على الموافقة المصرية للعبور.

ورغم إعلان حكومة الشرق الليبي، المكلّفة من مجلس النواب، التزامها بتقديم الدعم الإنساني والطبي للمشاركين في القافلة، فإنها جدّدت تمسكها بالتنسيق الكامل مع الجانب المصري، وهو ما يعكس استمرار الجمود السياسي وتعقيدات التنسيق بين الجهات المختلفة.

وقال وزير الخارجية في حكومة أسامة حماد، عبد الهادي الحويج، إن "فلسطين قضية وطنية تخص جميع الليبيين"، مؤكدًا موقف حكومته المناهض للتطبيع، والتزامها معاملة الفلسطينيين كالمواطنين الليبيين. لكنه شدد في الوقت نفسه على ضرورة الالتزام بما ورد في بيان وزارة الخارجية المصرية حول "الإجراءات التنظيمية لعبور المعابر".

 

انتهاكات موثقة ونداءات استغاثة
وتحدث نشطاء مرحلون عن تعرضهم لانتهاكات جسيمة داخل مقار احتجاز غير رسمية، مشيرين إلى تعرض بعضهم للضرب، وانتزاع هواتفهم، وإجبارهم على توقيع أوراق بلغة لا يفهمونها، قبل أن يتم نقلهم فجأة إلى مطار القاهرة لترحيلهم دون حق الاستئناف.

وقالت ناشطة كندية من أصل تونسي، عبر رسالة صوتية، إنها تعرضت للضرب المبرح أثناء محاولتها تصوير عملية الاعتقال من شرفة غرفتها في الفندق، وأضافت: "ما حدث صادم.. لم أتخيل يومًا أن تُعامل من يقف مع غزة بهذه الطريقة الوحشية في دولة عربية".