تشهد محافظة الإسكندرية، العاصمة الثانية لمصر وعروس البحر المتوسط، أزمة عمرانية غير مسبوقة تهدد حياة مئات الآلاف من المواطنين، بعد إعلان رسمي من محافظها الفريق أحمد خالد، بوجود أكثر من 24 ألف عقار آيل للسقوط، من بينها 8 آلاف صدر لها قرارات إزالة عاجلة، إما كليًا أو جزئيًا، دون أن تجد طريقها إلى التنفيذ الكامل.
أرقام صادمة وأحياء على وشك الانهيار
في اجتماع مشترك للجنة الإسكان ولجنتي الإدارة المحلية والشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، كشف المحافظ الأرقام المروعة، مؤكدًا أن الأجهزة التنفيذية بالمحافظة تواجه تحديًا هائلًا في تنفيذ قرارات الإزالة، لا سيما في ظل تفشي ظاهرة البناء المخالف وتضارب المسؤوليات بين جهات الدولة المختلفة.
وتعد أحياء كرموز، اللبان، منيا البصل، محرم بك، وحي غرب من أكثر المناطق تضررًا، إذ تضم آلاف العقارات القديمة والمائلة، بعضها تجاوز عمره 90 عامًا، فيما صُدم المواطنون بوجود عقارات حديثة لم يتجاوز عمرها 10 إلى 15 عامًا بدأت في الميل والانهيار التدريجي.
فيديوهات مرعبة وذعر شعبي
أثار انتشار مقاطع فيديو لعقار مائل في منطقة محرم بك على مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الهلع، بعد ظهوره مهددًا بالانهيار فوق رؤوس السكان والسكان المجاورين، ما استدعى تدخلًا عاجلًا من السلطات، وتشكيل لجنة فنية لمعاينة العقار وبيان حالته الإنشائية.
الحادثة أعادت إلى الأذهان مشاهد مماثلة لعقارات مائلة ظهرت في السابق في مناطق كوم الشقافة والازاريطة، ما يؤكد أن الظاهرة آخذة في التوسع دون حلول جذرية، رغم النداءات المتكررة من المواطنين.
تحذيرات علمية: المياه الجوفية تُهدد المدينة
وفي تطور لافت، حذّر عالم الفضاء المصري الدكتور عصام حجي عبر حسابه على منصة "إكس" من خطر داهم يهدد الإسكندرية، موضحًا أن ميول العقارات الحديثة لا تعكس فقط إهمال الصيانة أو عيوب البناء، بل تكشف تأثير حركة المياه الجوفية التي تزداد بفعل التغير المناخي، مسببة تآكلًا في أساسات المباني وزعزعة استقرارها.
وكتب حجي: "ما نشهده من ميل للعقارات في الإسكندرية مؤشر بيئي خطير مرتبط بتغيرات جيولوجية ومائية عميقة، وليس فقط أزمة محلية في الهندسة المدنية".
عجز حكومي ومطالب بالتحرك الفوري
رغم صدور قرارات إزالة لـ 8 آلاف عقار، إلا أن التنفيذ على الأرض يصطدم بعدة معوقات، من أبرزها ضعف الإمكانيات التنفيذية، وخشية السلطات من تشريد آلاف الأسر، فضلًا عن الفساد الإداري في بعض الأحياء، حسب ما أكده نواب برلمانيون.
النائب محمد جبريل تقدّم بعدة طلبات إحاطة لرئاسة البرلمان والحكومة، مطالبًا بإطلاق حملة وطنية عاجلة لإعادة تقييم الوضع الإنشائي للعقارات بالإسكندرية، وتحويل ملف الإزالة إلى أولوية قصوى على طاولة الحكومة، مشددًا على أن "التقاعس يساوي الكارثة".