في مقالها المنشور في الجارديان، تناولت الكاتبة نسرين مالك زيارة دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، مشيرة إلى أنها كانت عرضًا للتشويش، لا إعادة التوازن. ركّز ترامب على علاقات تبادلية خالية من الاعتبارات الأخلاقية، متيحًا لدول الخليج دورًا أكبر في رسم سياسات المنطقة، لكنه تجاهل الملف الأهم: وقف الحرب الإسرائيلية.

خلال جولته في الرياض وأبو ظبي والدوحة، وعد ترامب بعدم تقديم "محاضرات" عن حقوق الإنسان، ورفع العقوبات عن سوريا، وأثنى على الجمال والرخام، مشيدًا بالبذخ والبهرجة. ظهر مرتاحًا وسط الملوك والأمراء، حيث يسود المال والنفوذ بلا مساءلة. الرئيس الذي فرض حظر السفر على المسلمين في فترته الأولى، سار اليوم في المساجد وتحدث بإعجاب عن بشار الأسد، واصفًا إياه بأنه "وسيم" رغم "الماضي الصعب"، وكأن السياسة الخارجية تحوّلت إلى استعراض شخصي.

أقرّ ترامب صراحةً بحاجة أمريكا إلى دول الخليج، مشيرًا إلى ثرائها وأهميتها الاقتصادية. لم يناقش الديمقراطية أو حقوق الإنسان، بل سلّم بأن من يملك المال يملك التأثير. هذا الطرح وجد صدًى في عواصم الخليج، حيث تسعى هذه الدول إلى فرض نفسها كقوى إقليمية حقيقية، لا مجرد دول ريعية تعتمد على النفط. على سبيل المثال، تدعم الإمارات الحرب في السودان للحصول على نفوذ في إفريقيا، بينما برزت قطر كعاصمة غير معلنة للتفاوض العالمي.

أظهرت زيارة ترامب أن واشنطن باتت تنحاز سياسيًا إلى الشرق الأوسط على حساب أوروبا، حيث لا احتجاجات جماهيرية تزعجه، ولا إدانة لحرب أو غزو. مع ذلك، ظل الصمت يخيم على نقطة محورية: دعم الولايات المتحدة غير المشروط للحرب الإسرائيلية في غزة. بينما تتصاعد الضربات وتنهار جهود الهدنة، استقبل قادة الخليج ترامب بالأعلام والأضواء، دون أن يفتحوا ملف فلسطين بشكل حقيقي. رغم الخطابات الرنانة، لم ينجح أحد في الضغط على واشنطن لتغيير موقفها.

طرحت الكاتبة سؤالًا جوهريًا: ما قيمة هذه القوة الخليجية الصاعدة إذا لم تُستخدم في التأثير على السياسات الكبرى؟ هل تقتصر على تسهيلات تجارية ومغامرات إقليمية؟ أم يمكن توظيفها لردع حليف مثل إسرائيل، أو إيقاف المجازر بحق الفلسطينيين؟ الواقع يُظهر محدودية هذا النفوذ. فبينما يوزع ترامب صفقات المليارات، يقترح خطة لإعادة توطين سكان غزة في ليبيا، ويتوسع الاحتلال داخل القطاع، لا يُسمح بدخول الماء أو الغذاء أو الدواء منذ شهور.

لم تفلح هذه "الهيبة الخليجية" حتى الآن في منع المجاعة، أو وقف التهجير، أو حماية الشعوب العربية من الإبادة. ورغم مظاهر الاستقبال الأسطوري، تبدو الأنظمة عاجزة عن فرض شروطها على واشنطن. إذا لم تُترجم هذه المكانة الاقتصادية إلى موقف سياسي قوي، فإن كل ما جرى لا يتجاوز كونه مسرحية فاخرة في قصر رخامي.

وختمت الجارديان المقال بالتشكيك في جدوى هذه التحولات الشكلية، ما دامت الأنظمة الجديدة لا تملك القرار الحقيقي في قضايا مصيرية كفلسطين. في النهاية، كما تؤكد نسرين مالك، الاستقلال الحقيقي لا يتحقق بالاستغناء عن "المحاضرات"، بل بالقدرة على تقرير المصير، وإجبار الحلفاء على احترام حياة شعوب المنطقة.
 

https://www.theguardian.com/commentisfree/2025/may/19/trump-gulf-states-middle-east-allies-israel-war