انطلقت في بغداد، السبت، القمة الرابعة والثلاثين لجامعة الدول العربية في ظلّ تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتفاقم الأزمة الإنسانية، بالإضافة لأزمات أخرى، مع توقع بعجز  كامل عن حل الأزمات والمتغيرات المطروحة، كما حدث مع سابقتها في القاهرة.

ومن المنتظَر أن يبدأ عدد من رؤساء الوفود العربية في الوصول إلى بغداد، اليوم (الجمعة)، للمشاركة في القمة العربية.

وحضرت أعلام الدول العربية الـ22 بشوارع العاصمة العراقية التي تشهد، على غرار مدن أخرى في البلاد، استقرارا نسبيا بعد أربعة عقود من النزاعات والحروب.

وإلى جانب المسؤولين العرب، سيحضر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الذي اعترفت بلاده العام الماضي بالدولة الفلسطينية والذي يُعد من أكثر الزعماء الأوروبيين انتقادا لدولة الاحتلال.

وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من أوّل الواصلين إلى بغداد.

وقال مصدر دبلوماسي في تصريحات إعلامية إن معظم دول الخليج ستكون ممثلة على المستوى الوزاري.

وكتب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في صحيفة الشرق الأوسط الأسبوع الماضي "نحن اليوم لا نعيد بناء العراق فحسب، بل نشارك في إعادة رسم ملامح الشرق الأوسط عبر سياسة خارجية متوازنة وقيادة واعية ومبادرات تنموية وشراكات استراتيجية".

واستضافت بغداد هذا الاجتماع آخر مرة في 2012 في أوج توترات أمنية في العراق، وحرب أهلية دامية في سورية في عهد بشار الأسد الذي أطيح به في هجوم لفصائل معارضة بقيادة الشرع.
 

قمة بعد فشل سابقتها
   
وتأتي هذه القمة بعد اجتماع طارئ عُقد في القاهرة في مارس تبنى خلاله القادة العرب خطة لإعادة إعمار غزة تلحظ عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع وتمثل طرحا بديلا لمقترح قدّمه ترامب يقضي بتهجير السكان ووضع القطاع تحت سيطرة واشنطن، إلا أن التوصيات لم تنفذ وزادت معاناة الشعب الفلسطيني الذي استباح الصهاينة دماءه وسط دور رادع لأي دولة عربية.
 

مطالب مستهلكة
   
وستناقش قمة بغداد بجانب القضية الفلسطينية،القضايا المصيرية المتعلقة بشعوب المنطقة فهل تخرج بقرارات تسهم في تحقيق السلام والاستقرار وتستطيع تنفيذها على أرض الواقع.

فما بين معالجة الأوضاع في غزة والعمل على إعادة إعمارها، وإنهاء النزاع في اليمن والسودان والصومال وليبيا ودعم الاستقرار في سوريا، ودعم المفاوضات الجارية بين طهران وواشنطن، والدفع بالعلاقات الاقتصادية ودعم مشاريع الاستثمار المشترك ومواجهة التحديات الدولية، كل تلك المطاب استهلكت في اجتماعات سابقة، ولم ترقى سوى بتوصيات تم تجاهلها وغض البصر عنها بعد صدورها مباشرة.
 

أماني للشو الإعلامي
   
وأعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في تصريحات صحافية عن الأمل في أن تخرج قمة بغداد «برسالة موحدة تطالب بوقف فوري لحرب الإبادة، ووضع حد لمخططات متطرفي اليمين في حكومة الاحتلال الإسرائيلي التي أثبتت أنها لا تعرف نهاية، ولا هدفاً سوى استمرار العنف والتوتر، ليس فقط في فلسطين بل في سوريا ولبنان أيضاً».

وذكر أن «رسالتنا يجب أن تكون واحدة، ورؤيتنا لقضايانا المشتركة لا بد أن تكون موحَّدة، ويجب أن ننطلق دوماً من تعزيز الأمن القومي العربي بمفهومه الشامل وأن الأزمات في السودان واليمن والصومال وليبيا تمس الأمن الجماعي العربي وتهدد استقرار المنطقة».
 

اليوم الأول كلام في كلام
   ومع انقضاء اليوم الأول من القمة العربية بغددا والتي لم ترتقي إلى ما يأمله الشعوب واستهلكت عبر كلمات لم تأتي بجديد وأماني صعب تنفيذها وتحتاج لأشخاص غير هؤلاء الذين أصدروها، فهم في قمة العجز عن المضي قدما في أي ملف، فهم لم يحضروا سوى للشو الإعلامي.
 

البحرين
   
وبدأت القمة بكلمة لوزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني، باعتبار أنّ المنامة كانت رئيس القمة السابقة، قبل أن يسلم الرئاسة للعراق.
وقال الزياني إنّ البحرين «تؤكد على إعادة إعمار قطاع غزة، والالتزام باتفاقيات وقف اطلاق النار» دون إسقاط على كيفية تنفيذ ما تحدث به.
 

العراق
   
من جهته، قال الرئيس العراقي، عبد اللطيف جمال رشيد، إنّ القمة تنعقد «في ظل ظروف أمنية معقدة وتحديات اقتصادية، إذ يهدد شبح الحرب الأمن والاستقرار، ويعرقل جهودنا التنموية وتطلعاتنا المستقبلية، فضلاً عن المشكلات الاقتصادية التي بدت آثارها واضحة وأخذت تلقي بظلالها على حياة شعوبنا».

وأضاف أنّ «هذه التهديدات تلقي عـلينا مسؤولية تاريخية، تدعونا للعمل على تجنيب بلداننا آثار أزمات متتابعة، وضرورة أخذ المبادرة والحراك العاجل لتعزيز فرص الاستقرار العربي والإقليمي والدولي، من خلال حلول دبلوماسية تخدم مصالح شعوبنا ودولنا».

وشدّد رشيد على «أهمية تسوية الخلافات بالوسائل السلمية والحوارات الثنائية المباشرة أو عبر الوسطاء»، رافضاً «سياسة الإملاءات والتدخلات الخارجية واستخدام القوة»، لكن فهل حل الحوار يوما تلك الخلافات؟.

من جهته، أكد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أنّ بلاده تضع مصلحة الشعوب العربية فوق كل اعتبار، مشدداً على ضرورة وقف العدوان المستمر على الشعب الفلسطيني، لكن لم يذكر كيف يحدث ذلك.

وقال إنّ «رؤية العراق لنهاية الأزمات في المنطقة تقوم على تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني في العيش بحرية وكرامة»، مشيراً إلى ضرورة «التذكير بالعنف الوحشي الذي تشهده غزة»، مشدداً على رفض بلاده للتهجير القسري وضرورة فتح المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في ظل الظروف القاسية التي يعانون منها.

كذلك، أعلن رئيس الوزراء العراقي عن تقديم بلاده 20 مليون دولار لإعمار لبنان، و20 مليوناً لإعمار غزة.
 

السيسي
   
وتحدث عبد الفتاح السيسي، عن أنّ «القضية الفلسطينية تمرّ بمرحلة من أشدّ مراحلها خطورة وأكثرها دقّة، إذ يتعرّض الشعب الفلسطيني لجرائم ممنهجة وممارسات وحشية على مدار أكثر من عام ونصف، تهدف إلى طمسه وإبادته، وإنهاء وجوده في قطاع غزة».

وأكد السيسي أنّ مصر «تواصل، بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة، شريكيها في الوساطة، بذل الجهود المكثّفة لوقف إطلاق النار»، فهل أتت وساطتهم بجديد فالإبادة مستمرة والوضع يزداد سوءا.

وأشار إلى أنّه «حتى لو نجحت إسرائيل في إبرام اتفاقيات تطبيع مع جميع الدول العربية، فإنّ السلام الدائم والعادل والشامل في الشرق الأوسط سيظلّ بعيد المنال، ما لم تُقم الدولة الفلسطينية، وفق قرارات الشرعية الدولية».

وعن لبنان، قال السيسي إنّ «السبيل الأوحد لضمان الاستقرار هو الالتزام بتنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية، وقرار مجلس الأمن رقم 1701، وانسحاب إسرائيل من الجنوب اللبناني، واحترام سيادة لبنان على أراضيه، وتمكين الجيش اللبناني من الاضطلاع بمسؤولياته».
 

الأمم المتحدة
   
أمّا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، فقال إنّ «الإقليم والعالم كله يواجه تحديات كبيرة بدءاً من غزة، ولا شيء يبرر العذاب الجماعي للشعب الفلسطيني، ونرفض التهجير المستمر لسكان قطاع غزة».

وأكد غوتيريش أنّ «سلامة الأراضي اللبنانية وسيادتها يجب أن تحترم، والسيادة والاستقلال في سوريا ضروريان».

وتنعقد القمة في القصر الحكومي ببغداد، وهي الرابعة التي يستضيفها العراق على مستوى القادة، منذ بدء القمم العربية العادية والطارئة للجامعة العربية عام 1946.