أبدى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس امتعاضه من مواقف مؤسسة الأزهر الشريف وشخصيات مصرية بارزة لدعمهم المعلن للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وفي مقدمتها حركة "حماس".

وكشف مصدر دبلوماسي مصري رفيع المستوى، أن الرئيس عباس أجرى اتصالًا مباشرًا بشيخ الأزهر أحمد الطيب، عبّر فيه عن استيائه من البيانات والمواقف الصادرة عن المشيخة والتي "تضفي شرعية سياسية وأخلاقية على تنظيم سياسي"، في إشارة واضحة إلى حركة حماس. واعتبر عباس أن هذه التصريحات تُضعف موقف السلطة الفلسطينية وتمنح تفوقًا إعلاميًا وسياسيًا لغريمه اللدود في غزة.

لكن شيخ الأزهر لم يستجب لمحاولة عباس لتقويض الموقف، بحسب المصدر، وأكد أن مواقف الأزهر "لا تعبّر عن انحياز سياسي، بل عن ثوابت دينية وأخلاقية تتعلق بنصرة المظلوم والدفاع عن الأرض والعرض، والوقوف ضد العدوان". وأضاف أن الأزهر "لن يتراجع عن تأييده للمقاومة المشروعة التي أقرها الشرع والقانون الدولي".

وأشار المصدر إلى أن عباس، وبعد فشل محاولته مع شيخ الأزهر، توجّه بشكوى مباشرة إلى عبد الفتاح السيسي، معربًا عن انزعاجه من الدور "غير الرسمي لكنه مؤثر" الذي تلعبه شخصيات مصرية في إظهار التأييد لحركة حماس، ومن بينها اللواء سمير فرج، أحد أبرز رموز المؤسسة العسكرية المصرية سابقًا، والذي وصف مقاتلي حماس بأنهم "أعادوا إحياء القضية الفلسطينية"، وشبّه تضحياتهم بتضحيات الجزائريين من أجل الاستقلال.

ورغم شكوى عباس، فإن السيسي، وفقًا للمصدر، شدد في حديثه معه على أن موقف مصر الرسمي يتمثل فقط في البيانات الصادرة عن الرئاسة ووزارة الخارجية، وأن الدولة المصرية تتخذ سياسة "التوازن" والوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، حفاظًا على وحدة القضية الفلسطينية، ودرءًا لمزيد من الانقسامات.
 

بيانات الأزهر... دفاع عن المقاومة أم خروج عن الدبلوماسية؟
   وكان الأزهر قد أصدر عدة بيانات منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023، أعرب فيها عن دعمه الكامل للمقاومة الفلسطينية، ووصف مقاتليها بـ"الأبطال الذين طالتهم يد صهيونية مجرمة"، مؤكدًا أن "الدفاع عن الوطن والموت في سبيله شرف لا يضاهيه شرف".
كما شدد على ضرورة "فضح الكذب الصهيوني وتشويه رموز المقاومة".

واعتبر متابعون أن لهجة البيانات، التي خرجت من أرفع مؤسسة دينية في العالم الإسلامي، تحمل دلالات تتجاوز البعد الديني لتشكل موقفًا سياسيًا داعمًا لحركات المقاومة، على رأسها حماس، ما أحرج السلطة الفلسطينية أمام حلفائها الدوليين والإقليميين.
 

سمير فرج: "الجزائر خسرت مليون شهيد... وحماس أحيت القضية"
   في السياق ذاته، قال اللواء أركان حرب سمير فرج، في تصريحات متلفزة، إن حركة حماس رغم الكلفة البشرية للحرب، تمكنت من إعادة إحياء القضية الفلسطينية في الوعي الدولي، مستشهدًا بتجربة الجزائر التي قدمت أكثر من مليون شهيد لنيل الاستقلال.

وأشاد فرج بـ"المرونة السياسية" التي أبدتها حماس بالموافقة على مقترح مصري لإدارة غزة بعد الحرب، عبر شخصيات مستقلة، ما اعتبره مؤشرًا على نضج الحركة السياسي.