نشر موقع ذا كونفرزيشن مقالًا لجابرييلي كوزنتينو، أستاذ الإعلام السياسي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، تناول فيه كيف تحوّل تطبيق تيك توك في مصر إلى ساحة تفاعلية بين الطبقات، ومجالٍ للرقابة المكثفة من الدولة.

في عام 2011، قال الناشط والمهندس المصري وائل غنيم بعد الإفراج عنه: "إذا أردت تحرير مجتمع، كل ما تحتاجه هو الإنترنت". هذا الأمل تراجع بشدة بعد أكثر من عقد من حكم عبد الفتاح السيسي، حيث تراقب السلطات المصرية منصات التواصل بدقة وتعتقل المواطنين لأبسط الانتقادات، ما أدى إلى رقابة ذاتية واسعة النطاق.

منذ عام 2018، استخدم النظام قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية، المُعلن عنه كأداة لمحاربة التضليل، لقمع المعارضة، خصوصاً مع غموض ما يُعتبر انتهاكًا "لقيم الأسرة". ورغم ذلك، يُظهر تيك توك جانبًا آخر من المشهد الرقمي، إذ يتيح تفاعلاً واسع النطاق، ويفتح المجال أمام محتوى متنوع يعكس التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية في البلاد.

 

صعود تيك توك

بلغ عدد مستخدمي تيك توك في مصر أكثر من 33 مليون شخص فوق سن 18. وعلى عكس فيسبوك وتويتر، لم يتخذ تيك توك طابعًا سياسيًا مباشرًا، لكنه أصبح مسرحًا لحوادث استدعت تدخل الدولة، مثل فيديوهات ناقدة للأسعار أو ساخرة من أوضاع السجون.

ورغم القبض على مستخدمين، لم تظهر نية رسمية لحظر المنصة. على العكس، أبرمت وزارة الشباب والرياضة اتفاقًا مع تيك توك لإطلاق "مركز المبدعين المصريين"، لتعليم الاستخدام المسؤول للمنصة.

 

النساء هدف رئيسي

منذ عام 2020، واجهت العديد من النساء اتهامات تتعلق بانتهاك "قيم الأسرة" أو نشر أخبار كاذبة، رغم أن محتواهن لم يكن جنسيًا أو سياسيًا. أبرزهن حنين حسام ومودة الأدهم، اللتان حكم عليهما بالسجن. هذه القضايا تكشف تركيز الدولة على ضبط حضور النساء الشابات في الفضاء الرقمي، خصوصًا حين يتحقق لهن نفوذ وشهرة بعيدًا عن المؤسسات التقليدية.

 

المحتوى الفيروسي

ساهم تيك توك في صعود مستخدمين عاديين إلى شهرة مفاجئة، ما جعله مصدر قلق للسلطات، خاصة عندما يتطرق محتوى الفيديوهات لمواضيع اقتصادية أو سياسية حساسة. على سبيل المثال، اعتُقل ثلاثة شباب عام 2022 لنقدهم ارتفاع الأسعار. وفي 2023، أُلقي القبض على مجموعة بسبب فيديو ساخر يُحاكي زيارة لسجن.

 

مصر ومَصر

أنتج تيك توك تصنيفات اجتماعية جديدة: الأغنياء وذوو الامتيازات يسمّون "ايجيبت"، بينما الفقراء والغالبية يُطلق عليهم "مصر". يتيح تيك توك لهذا الانقسام أن يتفاعل علنًا، إذ يشاهد الفقراء حياة الأغنياء، بينما يراقب الأغنياء المحتوى الشعبي، مثل الرقص، أو حتى التسول المباشر.

هذا التفاعل يتجلى في تعليقات ساخرة أو نقدية. فعندما تتحدث فتاة عن مصروفها الأسبوعي (3 آلاف جنيه)، يكتب أحدهم: "هذا راتب شهري للبعض".

 

أثر سياسي محتمل

منصة تيك توك تطورت في مصر من تطبيق ترفيهي إلى وسيلة يتابعها المواطنون لمواكبة الأحداث، كما فتحت مجالًا للنقاش حول قضايا مثل فلسطين. رغم غياب تسييس مباشر حتى الآن، إلا أن قدرة تيك توك على كشف التفاوتات وربط الفئات المختلفة قد تحمل تبعات سياسية غير متوقعة في المستقبل، خاصة في ظل الرقابة المستمرة.

https://theconversation.com/tiktok-in-egypt-where-rich-and-poor-meet-and-the-state-watches-everything-253278