قال كاظم أبو خلف، المتحدث باسم يونيسف، إن عشرات الأطفال في غزة يموتون بسبب سوء التغذية، فيما وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ارتفاعًا حادًّا في معدلات الوفاة الطبيعية بين البالغين من سكان قطاع غزة، إلى جانب مستويات مقلقة في وفيات الأطفال، خلال أطول فترة حصار شامل متصلة تفرضها إسرائيل منذ بدء جريمة الإبادة الجماعية.
وقال المتحدث باسم يونيسف، إن الأوضاع في غزة تزداد سوءًا كل يوم، منوهًا بأن 17 ألف امرأة في غزة تعانين من سوء التغذية.
وأضاف أبو خلف، خلال تصريحات تلفزيونية، أن 505 أطفال استشهدوا منذ استئناف القتال في القطاع، لافتًا إلى أن الاحتلال يتعمد استهداف المستشفيات في غزة.
وأوضح متحدث باسم يونيسف، أن الاحتلال يمنع دخول المساعدات إلى القطاع، مشددًا على أنه يجب ممارسة الضغط على الاحتلال للسماح بدخول المساعدات، ويجب أن تدخل المساعدات لغزة دون معوقات أو تحكم من أي طرف.
وتابع: لا يوجد أي معلومات عن الآلية التي يتم الحديث عنها لإدخال المساعدات لغزة.
المساعدات تكاد تنفذ
ومن جهتها قالت مديرة التنفيذية لليونيسف السيدة كاثرين راسل "يواجه الأطفال في قطاع غزة منذ شهرين قصفاً عنيفاً دون هوادة، ويُحرمون من السلع والخدمات الأساسية والرعاية الطبية الضرورية لإنقاذ حيواتهم.
مع كل يوم يمرّ يستمر فيه منع دخول المساعدات، سيواجه الأطفال خطراً أكبر من المجاعة والمرض والموت — ولا يمكن قبول أي تبرير لهذا".
وتابعت "تكافح الأسر لتبقى على قيد الحياة. إنهم محاصرون ولا يستطيعون حتى الفرار طلباً للأمان. وقد دُمّرت الأراضي التي كانوا يقتاتون على زراعتها. ومنعوا من البحر الذي كانوا يصيدون السمك فيه.
المخابز تغلق أبوابها، وإنتاج المياه يتراجع، ورفوف المتاجر تكاد تخلو. كانت المساعدات الإنسانية شريان الحياة الوحيد للأطفال، وهي الآن على وشك النفاد".
المجاعة تتفشى في غزة بمستويات كارثية
ومن جهته حذر المرصد الأورومتوسطي الإنسان من تفاقم المجاعة في قطاع غزة إلى مستويات كارثية، في ظل استمرار الحصار الشامل وغير القانوني الذي تفرضه إسرائيل منذ 62 يومًا، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية والأدوية والسلع الأساسية.
وسجّل الأورومتوسطي عشرات حالات الوفيات نتيجة سوء التغذية أو عدم توفر الرعاية الطبية والأدوية اللازمة، كان آخرهم الرضيعة "جنان صالح السكافي" (4 أشهر) التي فارقت الحياة في مستشفى الرنتيسي غرب مدينة غزة نتيجة سوء التغذية، في ظلّ أسوأ حملة تجويع ممنهج في التاريخ الحديث.
ووجّه المرصد الأورومتوسطي نداءً عاجلًا إلى جميع دول العالم والمنظمات الدولية ذات الصلة بضرورة التحرّك الفوري لكسر الحصار الإسرائيلي غير القانوني المفروض على قطاع غزة برًا وبحرًا وجوًا، باعتباره يشكّل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، ويُستخدم كأداة لتجويع السكان المدنيين في سياق جريمة الإبادة الجماعية المستمرة هناك.
ودعا الأورومتوسطي إلى إنهاء الإغلاق الكامل لجميع المعابر فورًا، بما يضمن السماح بدخول الغذاء والماء والدواء دون عوائق وبشكل فعّال، قبل تفشّي حالات سوء التغذية الحاد وتحوّلها إلى أوضاع أكثر فتكًا وتهدّد الحياة على نطاق واسع.
جريمة تجويع مكتملة الأرجاء
قالت مديرة الدائرة القانونية في المرصد الأورومتوسطي، "ليما بسطامي": جريمة التجويع في غزة مكتملة الأركان وتُرتكب في وضح النهار؛ لا تحتاج إلى لجان تقصٍّ أو أحكامٍ قضائية لإثباتها، بل يكفي النظر إلى أنّ إسرائيل تغلق جميع معابر القطاع المدمر بلا استثناء منذ أكثر من شهرين وتحظر كليًّا دخول الغذاء والدواء والبضائع، وهو واقعٌ ثابتٌ لا يقبل التشكيك ويعترف بذلك مسؤولوها جهارًا من دون خشيةٍ من المساءلة.
كما أن قطاع غزة حافلٌ بشهاداتٍ دامغةٍ على فظاعة الجريمة: أجسادُ الناس والأطفال الهزيلة، وعشرات الآلاف المصطفّين يوميًا في طوابير التكايا، والارتفاع المطّرد في وفيات الجوع وسوء التغذية والأمراض المصاحبة."
وأضافت: "مع ذلك، يدفن العالم رأسه في رمال انتظار "مفاوضات وقف إطلاق النار"، متناسيًا أنّ المساعدات الإنسانية حقٌّ غير قابلٍ للمساومة، وأنّ التجويع لا تُبرّرُه أيّ ذريعة. وهناك من الدول من يتواطأ بشكل مباشر، لكن حتى الصمت أو التراخي يُمثّل إسهامًا فعليًّا في استمرار هذه الجريمة؛ فجميعُ الدول بلا استثناء تتحمّل مسؤوليةً قانونيةً وأخلاقيةً عاجلة لرفع الحصار، وضمان تدفّق الإمدادات، وإنقاذ الأرواح فورًا."
وبحسب وزارة الصحة في قطاع غزة، فإن نحو 60 ألف طفل بحاجة إلى علاج من سوء التغذية الحاد، ونحو 16 ألف امرأة حامل أو مرضعة بحاجة ماسّة إلى رعاية صحية، فيما تواجه الأسر في مختلف أنحاء القطاع صعوبات لا يمكن تصورها مع تفاقم أزمة الجوع، بالتوازي مع موجات النزوح المستمر، وانهيار نظام الرعاية الصحية، والهجمات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة.