أظهر الشعب الإندونيسي تضامنًا واسعًا مع الفلسطينيين، وفق ما نشره موقع ميدل إيست مونيتور.

خرجت مظاهرات حاشدة، وانتشرت حملات التبرع، واشتعلت وسائل التواصل بالمحتوى المؤيد لغزة، ما عكس استجابة عاطفية ودائمة تجاه الاعتداءات الإسرائيلية.

في المقابل، لم تلق قضية الإيجور في شينجيانغ الصينية نفس القدر من التفاعل، رغم التوثيق المستمر لانتهاكات حقوق الإنسان هناك.

لا يعكس هذا التباين غياب التعاطف، بل يعود إلى ثلاثة عوامل رئيسية:

  • وضوح الأزمة
  • طبيعة القمع
  • طريقة فهم الصراعين في السياق السياسي والتاريخي الإندونيسي.

أولاً، تحظى غزة بحضور إعلامي يومي.

تبث صور الغارات الإسرائيلية والضحايا والدمار في الوقت الحقيقي، وتنقلها وسائل الإعلام الإندونيسية بشكل مستمر.

كذلك، يضج المحتوى الرقمي بالقصص المصورة من صحفيين ونشطاء فلسطينيين، ما يمنح الأزمة طابعًا مرئيًا وعاطفيًا يصعب تجاهله.

في مجتمع مثل إندونيسيا، يعتمد التفاعل الشعبي على السرد البصري والروابط العاطفية.

لذلك، تُصبح فلسطين مألوفة بصريًا وتاريخيًا. يرى الإندونيسيون مشاهد غزة باستمرار، ما يرسخ ارتباطهم بها.

أما أزمة الإيجور، فتبقى محجوبة.

تفرض الصين رقابة مشددة على الإعلام في شينجيانج، وتُقيّد الصحفيين، وتُخضع الاتصالات للرقابة، ما يمنع تدفق الصور والشهادات من داخل معسكرات الاعتقال.

لا تصل الأخبار إلا من خلال وثائق مسربة أو صور أقمار صناعية أو شهادات ناجين، وكلها مصادر بعيدة لا تُثير نفس التفاعل العاطفي.

نتيجة لذلك، لا تبرز مأساة الإيجور في الإعلام الإندونيسي إلا نادرًا وبصيغ تقنية أو جافة، ما يجعلها أقل حضورًا في الوعي العام، وأضعف تأثيرًا في تحفيز التضامن الشعبي.

ثانيًا، تختلف طبيعة القمع. في غزة، يمارَس العنف بشكل علني وسريع عبر القصف والغارات، ما يُخلّف صورًا مأساوية تملأ العناوين.

هذا النوع من العنف الدرامي يدفع الجماهير إلى الحراك.

بينما في شينجيانج، يتجسّد القمع في شكل إداري وبيروقراطي، يشمل الاعتقال المنهجي، وإغلاق المساجد، ومحو اللغة والثقافة، دون ضجيج أو صور فورية تُحرك المشاعر.

غياب اللحظة الدرامية يجعل المأساة في شينجيانج تبدو بعيدة ومجردة.

لا مشاهد صادمة تُحفّز الجمهور، بل معاناة صامتة يصعب تصويرها، ما يُقلل من فاعلية التضامن الشعبي.

العامل الثالث هو الإطار السياسي. يرى الإندونيسيون في قضية فلسطين امتدادًا لنضالهم التحرري.

نشأت إندونيسيا من رحم مقاومة الاستعمار، وتعتبر الاحتلال الإسرائيلي شكلاً من أشكال الاستعمار الحديث.

لذلك، يجد كثيرون في دعم فلسطين صدىً لتجربتهم التاريخية، ما يُضفي على القضية طابعًا أخلاقيًا وشخصيًا.

على النقيض، تُفهم أزمة الإيجور باعتبارها "شأنًا داخليًا" ضمن حدود الصين، وليست صراعًا ضد احتلال خارجي.

هذا التصوّر، سواء كان دقيقًا أم لا، يُضعف البُعد السياسي والأخلاقي الذي يدفع الناس إلى التفاعل العميق، كما هو الحال مع فلسطين.

ولا يمكن تجاهل أن العلاقات الاقتصادية بين جاكرتا وبكين، إلى جانب محاولات الصين تحسين صورتها في المنطقة، تسهم في كبح الخطاب السياسي والإعلامي حول شينجيانج.

إلا أن العوامل الثلاثة السابقة — غياب الصور، طبيعة القمع، والإطار السياسي — تظلّ الأسباب الأهم في ضعف التفاعل الشعبي.

لا يعني ذلك أن الإندونيسيين يفتقرون للتعاطف، بل يعكس كيف يُشكّل الإعلام والسرديات نظرتنا الأخلاقية للعالم.

حين تظهر المأساة، نتحرك. وحين تُخفى، نصمت.

لذلك، يقع على عاتق الإعلاميين والنشطاء مسؤولية كشف معاناة الإيجور عبر شهادات وصور تُخاطب الوعي وتكسر جدار الصمت.

أثبت الإندونيسيون مرارًا رفضهم للظلم عندما يكون مرئيًا ومتصلًا بتاريخهم. التحدي في شينجيانج لا يكمن في اللامبالاة، بل في غياب الصورة والسياق.

ولتجسير هذه الفجوة، يجب إبراز ما هو خفي، وتقديم القمع البطيء باعتباره لا يقل خطورة عن التدمير الفوري.

https://www.middleeastmonitor.com/20250502-why-indonesians-rally-more-for-gaza-than-xinjiang/