وجه المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة نداءً عاجلًا إلى عبد الفتاح السيسي، مطالبًا إياه بعدم التصديق على مشروع قانون الإجراءات الجنائية الذي أقره مجلس النواب نهائيًا، محذرًا من أن مواده بصيغتها الحالية "تشكل كارثة تشريعية تهدد ركائز العدالة" وتنطوي على "عوار دستوري صارخ" قد يُبطل القانون لاحقًا حال الطعن عليه أمام المحكمة الدستورية العليا. ووافق مجلس النواب، خلال جلسته العامة أمس، على مشروع القانون بعد إدخال تعديلات على 17 مادة، وسط اعتراضات متكررة من منظمات حقوقية ونقابية، وعلى رأسها نقابة الصحفيين التي قدمت ورقة رسمية بتحفظاتها إلى البرلمان دون استجابة تُذكر. حقوق المواطنين تتهاوى في بيان شديد اللهجة، قال المركز العربي إن القانون بصيغته الحالية "يجرد المواطنين من حقوقهم الدستورية والقانونية في محاكمة عادلة ومنصفة، تبدأ من لحظة القبض وتنتهي بمرحلة الطعن"، منتقدًا ما اعتبره "تغوّلًا تشريعيًا" على ضمانات الدفاع، وحقوق الاتصال بالمحامي، والخصوصية، والإجراءات العادلة. وأضاف البيان أن القانون الجديد لا يكفل الحد الأدنى من الضمانات الضرورية في ما يخص التفتيش، والمراقبة، والتنصت، ويمنح سلطات واسعة دون رقابة أو مسوّغ قضائي كافٍ، في مخالفة صريحة للمادة 54 من الدستور، وأحكام العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ومبادئ الأمم المتحدة بشأن استقلال السلطة القضائية ودور المحامين. "إجراءات" تنتهك الدستور والمعاهدات الدولية وانتقد المركز العربي الفلسفة التشريعية التي يقوم عليها المشروع، معتبرًا أنها "تتناقض بوضوح مع التزامات مصر الدولية"، وتنسف مبادئ المحاكمة العادلة. وأكد أن المواد الحالية قد تعرّض القانون للطعن لاحقًا على أساس "عدم الدستورية"، وهو ما قد يؤدي إلى شلل تشريعي وتعطيل في سير العدالة. وتأتي هذه الانتقادات في وقت تتزايد فيه المخاوف من تغوّل السلطة التنفيذية على القضاء، وفرض قيود على حرية الدفاع، وسط مؤشرات على تآكل استقلال السلطة القضائية وتراجع ضمانات المحاسبة العادلة في قضايا تتعلق بالحريات العامة. صمت البرلمان... واعتراضات بلا صدى خلال مناقشات البرلمان، تم تجاهل ملاحظات متكررة من منظمات حقوقية ونقابية، أبرزها الاعتراض على: إجراء المحاكمات عن بعد، بما يخل بمبدأ المواجهة القضائية. فرض غرامة 500 جنيه على الاستشكال الثاني على الأحكام، بما يقيّد طرق الطعن. ضوابط التحفظ على الأموال التي اعتبرها حقوقيون "فضفاضة وغير خاضعة لرقابة كافية". استخدام الأسورة الإلكترونية كبديل للحبس الاحتياطي دون معايير واضحة. منح الأفراد حق إقامة دعاوى جنائية ضد موظفين عموميين، ما قد يُستخدم لتصفية الحسابات أو الانتقام. ورغم هذه التحذيرات، مضى البرلمان في تمرير القانون، في خطوة وصفها المركز الحقوقي بأنها "تغلق باب النقاش العام وتكرس لنهج تشريعي سلطوي". دعوات لحوار مجتمعي وإنقاذ العدالة ناشد المركز العربي، عبدالفتاح السيسي إعادة القانون إلى البرلمان وطرحه للنقاش المجتمعي مجددًا، بما يتيح للخبراء والمهنيين وأطراف العدالة تقديم رؤيتهم. كما شدد على أن صدور القانون دون معالجة العوار الدستوري سيشكل "سابقة خطيرة" قد تقوّض الثقة في التشريعات الصادرة عن البرلمان، وتعمّق أزمة العدالة في مصر.