حذرت 16 منظمة حقوقية دولية ومصرية من اقتراح المفوضية الأوروبية إدراج مصر ضمن قائمة "دول المنشأ الآمنة"، معتبرة أن هذا التوجه لا يهدد فقط حقوق طالبي اللجوء المصريين، بل يُقوّض مصداقية نظام اللجوء الأوروبي برمته، ويعبّر عن رضوخ سياسي لا يستند إلى الواقع الحقوقي في البلاد.
وقالت المنظمات في بيان مشترك إن اقتراح المفوضية الصادر في 16 إبريل 2025، والذي يهدف لتعديل اللائحة الأوروبية رقم 2024/1348، يتناقض صراحةً مع الالتزامات القانونية للاتحاد الأوروبي تجاه حقوق الإنسان، ويشكل تهديدًا مباشرًا للحق في اللجوء، كما كرسته المعايير الدولية والأوروبية.
مخاطر تسريع الترحيل وحرمان من التقييم العادل
تصنيف مصر "دولة منشأ آمنة"، وفق المنظمات، يعني عمليًا تسريع إجراءات النظر في طلبات اللجوء المقدمة من المصريين، ورفضها بشكل شبه تلقائي، دون تقييم فردي معمق لكل حالة.
وحذرت المنظمات من أن ذلك يقوّض مبدأ عدم الإعادة القسرية، ويُعرّض آلاف المصريين، خاصة من المعارضين السياسيين والصحافيين والنشطاء، لخطر الاعتقال والتعذيب حال إعادتهم إلى بلادهم.
ورغم إقرار المفوضية الأوروبية بوجود "تحديات" في وضع حقوق الإنسان في مصر، فإنها خلصت إلى أن هذه الانتهاكات لا ترقى إلى مستوى الاضطهاد أو الضرر الجسيم، مستندة إلى تفسير خاص للمادتين 9 و15 من لائحة التأهيل الأوروبية.
وهو استنتاج وصفته المنظمات بأنه "مفارق للواقع" و"يتجاهل كليًا التقارير الدامغة الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية المستقلة".
الواقع القمعي في مصر.. سجل موثق بالإخفاء والتعذيب والاعتقال التعسفي
استعرض البيان المشترك سجل الانتهاكات الواسعة في مصر، بما يشمل القيود الصارمة على حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي، وممارسات الاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، والتعذيب الممنهج، ومحاكمات غير عادلة للمعارضين والنشطاء، تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.
وأكدت المنظمات أن هذه الانتهاكات موثقة من قبل هيئات أممية، منها آليات الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة، وكذلك البرلمان الأوروبي، وعدد كبير من منظمات حقوق الإنسان الدولية، بما في ذلك منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش.
قانون لجوء غير متوافق مع المعايير الدولية
على الصعيد المحلي، انتقدت المنظمات قانون اللجوء المصري، الذي وصفته بأنه "تشريعي دون مشاورة حقيقية"، ويخالف المعايير الدولية، إذ يفرض قيودًا مشددة على دخول اللاجئين، ويجرّم الهجرة غير النظامية، ويفتقر إلى الضمانات ضد الإعادة القسرية، مما يعرّض اللاجئين لخطر الاعتقال والترحيل.
وأشارت إلى حالات موثقة لمواطنين من الإيغور والسودانيين والإريتريين تعرضوا للاعتقال أو الترحيل، في تجاهل صارخ للمبادئ الإنسانية الدولية.
"الاستراتيجية الوطنية" و"الحوار الوطني".. محاولات تجميل لا أكثر
هاجمت المنظمات الحقوقية المبادرات حكومية عبدالفتاح السيسي مثل "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" و"الحوار الوطني"، ووصفتها بأنها "تحركات تجميلية سطحية"، لا تنطوي على إصلاحات جذرية حقيقية، مشيرة إلى أن التقييمات المستقلة لم ترصد أي تحسن ملموس في أوضاع الحريات العامة أو سيادة القانون واستقلال القضاء في البلاد.
دعوة لرفض الاقتراح وإنشاء آليات رقابية حقيقية
دعت المنظمات مجلس الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي إلى رفض اقتراح المفوضية، وإجراء تقييم مستقل وشفاف لأوضاع حقوق الإنسان في مصر، يستند إلى تقارير الأمم المتحدة، ووكالات الاتحاد الأوروبي، ومنظمات المجتمع المدني.
كما طالبت بإشراك هذه الجهات في مشاورات إلزامية قبل اتخاذ أي قرار بشأن تصنيف الدول، وتفعيل آلية دورية لإعادة التقييم، تضمن رقابة برلمانية ومشاركة مجتمعية وإعلامية حقيقية.
وأكد البيان أن اتخاذ قرارات مصيرية كهذه يجب أن يستند إلى التزامات قانونية واضحة، وليس إلى مصالح سياسية آنية، حفاظًا على مصداقية الاتحاد الأوروبي ونظام الحماية الدولي للاجئين.
المنظمات الموقعة
تضم قائمة المنظمات الموقعة كلاً من:
- أنخ (ANKH)
- إيجيبت وايد لحقوق الإنسان
- مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
- الديمقراطية الرقمية
- الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان (EuroMed Rights)
- المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
- المنبر المصري لحقوق الإنسان (EHRF)
- المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (OMCT)
- التحالف الإقليمي للمدافعات عن حقوق الإنسان في جنوب غرب آسيا وشمال أفريقيا (WHRDMENA)
- ريدوورد (REDWORD)
- فير سكوير
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان (CIHRS)
- مؤسسة دعم القانون والديمقراطية (LDSF)
- مؤسسة حرية الفكر والتعبير (AFTE)
-
دفاتر مصر