تشهد حركة مقاطعة السلع الإسرائيلية والمنتجات التابعة للشركات الداعمة لها زخماً متزايداً ونجاحات ملموسة على أرض الواقع، حيث تأثرت عدة شركات كبرى بتراجع إيراداتها وأرباحها نتيجة لارتفاع وتيرة المقاطعة الشعبية والدولية. وفي سياق الحرب المستمرة على غزة، ومع دخولها عامها الثاني، لا تزال قائمة الشركات المتضررة تتوسع لتشمل علامات تجارية عالمية مثل ماكدونالدز، نستله، بيبسيكو، وإنفيديا وغيرها من الشركات متعددة الجنسيات، التي تواجه تأثيرات مالية سلبية نتيجة استهداف حملات المقاطعة لمنتجاتها. ماكدونالدز تواجه أزمة جديدة تعرضت شركة ماكدونالدز الأميركية، التي تعد أحد أبرز داعمي الاقتصاد الإسرائيلي، لأزمة كبيرة بعد أن سجل سهمها انخفاضاً بلغ حوالي 9%، وهو من أكبر التراجعات في تاريخ الشركة. وبدأت الأزمة مع انتشار حالات تسمم في عشر ولايات أميركية، حيث أصيب بعض العملاء بتسمم خطير بعد تناولهم شطائر برجر "كوارتر باوندر". وقد أكدت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية الأميركية (CDC) ارتباط الحالات بإصابة بكتيريا "إي كولاي" نتيجة تناول هذه الشطائر، مما زاد من الضغوط على الشركة. جاءت هذه الأزمة في وقت يواجه فيه الاقتصاد العالمي اضطرابات متزايدة، والتي باتت تدفع الشركات الكبرى إلى إعادة النظر في توجهاتها. تأتي هذه الأزمة في وقت حساس لماكدونالدز التي، رغم مقاطعتها دولياً، أعادت مؤخراً شراء جميع فروعها في إسرائيل في خطوة لدعم الاقتصاد الإسرائيلي. ويعتبر هذا الدعم الواضح من الشركة دافعاً إضافياً لحملات المقاطعة التي استهدفت فروعها ومبيعاتها حول العالم. نستله تحت ضغوط المقاطعة أما شركة نستله السويسرية، فقد تأثرت بشكل واضح بحملات المقاطعة، وأعلنت عن تراجع مبيعاتها بسبب استهدافها من حركة مقاطعة إسرائيل (BDS). تعد نستله، التي تمتلك العلامات التجارية الشهيرة مثل "نسكافيه" و"كيت كات"، من بين الشركات التي تواجه ضغوطاً مالية، خاصةً بعد تحولها إلى هدف رئيسي لحملات المقاطعة بسبب استثماراتها في شركة "أوسم" الإسرائيلية للمواد الغذائية. تعد شركة نستله من أبرز الشركات الغذائية العالمية التي تعاني من تأثيرات المقاطعة، حيث أظهرت تقاريرها انخفاضاً في مبيعاتها وإيراداتها. ويبدو أن هذه التداعيات ستستمر مع تصاعد حركة مقاطعة المنتجات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، والتي تضغط بشكل مباشر على هذه الشركات لإعادة النظر في علاقاتها مع السوق الإسرائيلية. بيبسيكو وتراجع التوقعات المالية تأثرت كذلك شركة بيبسيكو الأميركية للمشروبات والأغذية سلبياً بحملات المقاطعة المستمرة في العديد من البلدان، حيث اضطرت إلى خفض توقعاتها المالية لهذا العام نتيجة لتراجع مبيعاتها. وتلعب المقاطعة دوراً كبيراً في هذا الانخفاض، حيث تتواصل حملات المقاطعة ضد الشركات الداعمة لإسرائيل في أنحاء العالم، مما يزيد من الضغوط الاقتصادية على هذه الشركات ويؤثر على أدائها المالي. تعد بيبسيكو واحدة من بين العديد من الشركات الكبرى التي تلقت ضربات قوية من حملات المقاطعة، حيث واجهت تراجعاً ملحوظاً في إيراداتها بسبب الابتعاد الشعبي عن منتجاتها. ويبدو أن بيبسيكو ستواجه المزيد من التحديات المالية إذا استمرت حركة المقاطعة على نفس الوتيرة. كوكاكولا وكارفور.. استمرار الضغط لم تسلم شركة كوكاكولا من تأثيرات المقاطعة، حيث أظهرت التقارير تراجع مبيعاتها وإيراداتها الصافية نتيجة لاستمرار استهدافها من حملات المقاطعة العالمية. وكذلك تعرضت سلسلة المتاجر الفرنسية "كارفور" لضغوط من حركة مقاطعة إسرائيل بسبب ارتباطها الاقتصادي بإسرائيل وتربحها من المستوطنات الإسرائيلية. لجأت كارفور إلى إصدار تصريحات تفيد بأنها لا تدير فروعاً في المستوطنات الإسرائيلية، إلا أن الأدلة تشير إلى عكس ذلك، حيث تدير الشركة فرعاً في مستعمرات إسرائيلية على أراضي قرية النبي زكريّا، ما زاد من تفاقم الضغط عليها. أكسا الفرنسية وشركات الأسلحة أما شركة التأمين الفرنسية "أكسا"، فقد أعلنت سابقاً عن بيع استثماراتها في بعض البنوك الإسرائيلية، وكذلك تخفيض استثماراتها في شركة تصنيع الأسلحة الإسرائيلية "إلبيت سيستمز"، وذلك تحت تأثير حملات المقاطعة. إلا أن حملات المقاطعة لا تزال تلاحق الشركة بعد الكشف عن استمرار استثماراتها في شركات تصنيع الأسلحة التي تغذي الحروب الإسرائيلية. وقد أظهرت التقارير أن أكسا تملك استثمارات بملايين الدولارات في شركات إنتاج الأسلحة الخطرة، مثل اليورانيوم المنضب والأسلحة النووية والفوسفور الأبيض، ما جعلها عرضة للمزيد من الانتقادات والمقاطعة.
التأثيرات الاقتصادية وحملات المقاطعة المتزايدة تلعب حركة مقاطعة المنتجات الداعمة لإسرائيل دوراً كبيراً في إلحاق الأضرار بالعديد من الشركات العالمية، مما دفع بعضها إلى محاولة النأي بنفسها عن الارتباط بإسرائيل بسبب الخسائر المالية الناتجة عن المقاطعة. ومع تصاعد الغضب الشعبي من الجرائم الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية، زاد الوعي الجماهيري بأهمية التأثير الاقتصادي كوسيلة ضغط، وهو ما ساهم في تحقيق نجاحات ملموسة لحركة المقاطعة. ويبدو أن الشركات المتضررة لن تكون الأخيرة في هذا السياق، حيث تتزايد الدعوات للمقاطعة العالمية، خاصةً مع تحول المقاطعة إلى حركة ضاغطة على الاقتصاد الإسرائيلي والشركات الداعمة له. يتوقع المحللون أن تستمر هذه الحملات مع استمرار تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، مما يزيد من صعوبة تراجع التأثيرات السلبية على الشركات التي تتجاهل مطالب المستهلكين وتواصل دعم إسرائيل. ختاما؛ تشكل حملات المقاطعة الشعبية والدولية أداة قوية لممارسة الضغط على الشركات متعددة الجنسيات التي تساهم في دعم الاحتلال الإسرائيلي. ومن المتوقع أن تستمر هذه الحملات في تحقيق نجاحات جديدة، مما يجعل الشركات العالمية أمام خيارين: إما إعادة النظر في استثماراتها وعلاقاتها الاقتصادية، أو تحمل تداعيات المقاطعة التي تتسبب في خسائر كبيرة على مستويات متعددة.

