قال تقرير لصحيفة (ماريان) الفرنسية، إن شركة النفط العملاقة "توتال" ضخت 87 ألف برميل من المياه السامة كل يوم، أي ما يعادل 14 مليون لتر، في بلوك 10 بمدنية حضرموت اليمنية (قطاع 10 "حوض المسيلة النفطي")، وبدلاً من وضع حل لمشكلة المياه السامة قامت (Total) بإلقائها في أحواض محفورة في الأرض ومغطاة فقط بأغطية بلاستيكية.


وخارج تقرير الصحيفة فإن ل"توتال" شركة النفط الفرنسية لديها 237 محطة بنزين منتشرة فى القاهرة والمحافظات.


وأضاف التقرير أن الكميات التي أفرغتها (توتال) هي سائل يحتوي على إشعاعات نووية ومعادن ثقيلة والـBTEX (البنزين، التولوين، إيثيل بنزين، الزيلين)، والباريوم وهو مزيج كيميائي مسبب للسرطان ويحدِث مشاكل في العضلات والقلب.
 

وأكدت الصحيفة في تقريرها أنه "بدلاً من اختيار العلاج والقضاء على جميع المكونات الخطرة على صحة السكان الذين يعيشون حول حقول النفط، اختارت شركة توتال "أحواض التبخر" كما تعترف في إحدى إجاباتها على صحيفة ماريان، وهو حل أرخص بكثير ولكنه غير قانوني في اليمن وخارج المعايير الدولية تماماً".


https://www.marianne.net/monde/proche-orient/bassins-mortels-et-cancers-comment-total-a-empoisonne-leau-lair-et-la-terre-au-yemen

وكشفت الصحيفة الفرنسية أن شركة (توتال) الفرنسية خزن فائض المياه السامة في آبار النفط غير المربحة وبالتالي غير النشطة، ويتمثل الخطر في تلوث منسوب المياه الجوفية، في حضرموت التي تُعد أكبر مخزون للمياه الجوفية في شبه الجزيرة العربية وتشرب مياه ينابيعها في جميع أنحاء البلاد. 


وأوضحت أن تبخر هذه المياه الملوثة يشكل خطرا صحياخيث أن BTEX، وهو مادة مسرطنة للغاية، شديد التقلب أيضاً، فضلا عن أن المئات من هذه الأحواض يمكن ملاحظتها من مناظر الأقمار الصناعية، وقد سممت هواء المناطق المحيطة منذ قرابة 25 عاماً. 


وأشار التقرير إلى أن تركيز أحواض التبخر يعرض بشكل مستمر السكان للخطر، منبها (توتال) إلى أهمية دراسة معدلات تركيز الخليط الكيميائي في الهواء، والذي يسبب الإصابة بسرطان الدم. 


ونقل التقرير عن مهندس نفط فرنسي قوله: "لا أستطيع أن أصدق أن ما تعرضونه لي هنا هو منشآت توتال"، وأضاف: "كنت سأراهن على شركة مارقة من دلتا النيجر، ربما فعلت توتال ذلك لأنه في اليمن لا توجد سيطرة، وكانوا يراهنون على حقيقة أن أحداً لن يذهب ويتفقد منشآتهم".

ونقل عن خبير نفطي إنجليزي أنه شهِدَ انتشارَ المياه السامة على الأرض عبر رشاشات العشب، وقال: "اعتدت النزول إلى بلوك 10، وأتذكر أن مزرعة الرش الصغيرة الخاصة بهم كانت بعيدة عن الطريق إلى الغرب وربما على بُعد ميل شمال قاعدتهم المركزية، وقد استخدموها فقط عندما كان لديهم فائض من المياه المنتجة لأن بِرَك التبخر الخاصة بهم كانت زيتية جداً على السطح لدرجة أنها لم تتبخر بما فيه الكفاية". 

وعن فساد الدول المستضيفة للشركة الفرنسية (توتال) أوضحت أنه منذ أوائل عام 2000 وحتى عام 2012، تم تقديم العديد من التقارير المقلقة إلى محافظ حضرموت ورئيس الوزراء اليمني ووزارة النفط، ولكن خلال النظام السابق تحت حكم الرئيس علي عبدالله صالح، تم دفن كل شكوى بعناية. 

ولم يتم اتخاذ أي إجراء حكومي لإجبار شركة "توتال" على تغيير ممارساتها الإجرامية. 

ولكن بين عامي 2013 و2014، قرر البرلمان اليمني فتح تحقيق كبير في التلوث الذي تمارسه شركات النفط الأجنبية. 

صحيفة لوبس الفرنسية سبق ونشرت تحقيقاً في أبريل 2023، حول عمليات توتال التي خلفت تلوثاً واسعاً في اليمن، مستغلةً أعمالها في حضرموت منذ العام 1996، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان وتلويث الأرض الزراعية واختفاء النحل والطيور.

وقال التقرير إن توتال متورطة في عمليات التلوث من خلال إلقاء ودفن مواد كيميائية سامة في المياه المحيطة بالمناطق التي تعمل فيها، ودفن ملايين اللترات من المياه السامة وانسكاب النفط وتلويث المياه الجوفية، الأمر الذي يؤثر على البيئة وصحة آلاف اليمنيين.

واستدعت محاكم نانتير وباريس عملاق النفط في فبراير ومارس 2024، وتثبت تسريبات جديدة أن الشركة كانت على علم تام بممارساتها غير القانونية والخطيرة، وأن الحكومة اليمنية تعتزم أيضاً اتخاذ إجراءات قانونية ضدها.