اشتعلت الأسواق في مصر بعد أن فقد الجنيه، الخميس 27 من أكتوبر الجاري، 16% أخرى من قيمته عقب قرار البنك المركزي رفع سعر الفائدة بنسبة 2%، إضافة إلى اعتماد سعر صرف مرن للجنيه مقابل العملات الأجنبية.

وأبدى المواطنون حالة من الترقب الشديدة، وهو يتخوفون من موجة ارتفاع الأسعار القادمة، ورفع ما تبقى من دعم على بعض السلع، إضافة إلى زيادة التضخم مما ينذر بموجات متلاحقة من الغلاء ربما لا يستطيع نحو 60% من المواطنين التعايش أو التعامل معها.

 

ارتفاع الأسعار وزيادة هوة الفقر

ويتوقع أعضاء الغرف السياحية والتجارية ارتفاعًا في أسعار رحلات العمرة، والسفر، والسلع الأولية والأغذية والمشروبات خلال الأسبوع المقبل، متأثرة بانخفاض قيمة الجنيه أمام العملات العربية وتلك الرئيسية في العالم.

ويقول الخبير الاقتصادي، كريم العمدة، "إن قرار رفع أسعار الفائدة بالقطع سيؤدي لزيادة كبيرة في أسعار السلع وخاصة المستوردة وحتى السلع المحلية سترتفع أسعارها نظرا لزيادة التكاليف وهو ما يحتاج رقابة كبيرة من السلطات لضبط الأسواق ومنع المبالغة في الأسعار"، وفقًا لـ"سكاي نيوز".

ويعاني الاقتصاد، على غرار العديد من الاقتصادات الأخرى عبر العالم، من تداعيات جائحة فيروس كورونا والحرب الروسية على أوكرانيا التي عطلت المبادلات التجارية وحركة الأسواق العالمية وأدت إلى ارتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية، وتعتبر مصر أكبر مستورد للقمح الروسي والأوكراني.

وعلى غرار الدول الأخرى مثل تونس ولبنان والأردن، يطالب صندوق النقد الدولي مصر بخفض الدعم على السلع الأساسية مثل الوقود والكهرباء والقمح والأرز، بهدف خفض عجز الموازنة العامة. وهذا يعني أن المواطن البسيط سيضطر لتحمل أعباء مالية قد لا يقدر على سدادها بل قد تدفع بفئات اجتماعية كبرى نحو هوة الفقر، وفقًا لـ"BBC".

 

قفزة في أسعار السلع المحلية والمستوردة

توقع أحد مُصنعي الألبان في مصر ارتفاع منتجات الجبن والألبان بنسبة تصل إلى 15% خلال الأيام المقبلة، وسيكون من نتائج ذلك ارتفاعات موازية في أسعار اللحم البقري والجاموسي، ما سيتسبب في زيادة أسعار اللبن. ويشير إلى أن الجبن المستورد من الخارج من المتوقع أن تصل الزيادات فيه إلى 20% خلال الأيام المقبلة.

وأكد مصدر بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، والذي قدر معدلات الزيادة في أسعار السلع المستوردة بنسبة لا تقل عن 25% خلال الشهر المقبل، واعتبر أن الأسواق في حالة ترقب فيما أقدم بعض التجار إلى تقدير سعر الدولار بـ 28 جنيهًا خوفًا من عدم استقرار أسعار الصرف خلال الأيام المقبلة وفقًا لـ"عربي بوست".

كما يؤكد المصدر ذاته أن شركات إنتاج التغذية المحلية أيضًا سترفع من أسعارها، وتوقع أن تنعكس الزيادات على غالبية السلع الأساسية وفي مقدمتها الزيوت والأرز والدقيق والمكرونة والجبن والسمن بنسب تتراوح بين 15% و25%.

 

مزيدًا من الأعباء على المصريين

مثلت قرارات حكومة الانقلاب الأخيرة تشكيكًا في قدرتها على الخروج من الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعاني منها البلاد خلال الأعوام السابقة، والتي زادت خلال هذا العام وخاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وهروب أكثر من 20 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية في مصر.

وفي رؤيته، أكد الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي، أن "رفع سعر الفائدة اليوم سيمثل عبئًا على المنتجين المصريين، ويرفع تكلفة الإنتاج هذه واحدة، وثانيًا: فإن معدل التضخم سيكون أعلى بكثير من سعر الفائدة المعروض عند 13.25 بالمئة، وبالتالي لن يكون محفزًا للمدخرين على إيداع أموالهم بالبنوك

ولفت إلى أن "البنوك في أغسطس الماضي، طرحت شهادات بسعر فائدة 18%، وهناك أكثر من سعر فائدة"، مشيرًا إلى أن "اللعب على وتر سعر الفائدة يثبت فشل الحكومة بتوفير مناخ استثمار قادر على سحب مدخرات المصريين وتوفيرها لمشروعات استثمارية بالقطاع العام أو الخاص"، وفقًا لـ"عربي 21".

وقال الخبير المصري، إن "المصريين فقدوا الثقة في قدرات الحكومة وأدواتها ومشروعاتها؛ لذا فتلك القرارات تعني مزيدًا من الأعباء على المصريين، ورفع تكلفة الإنتاج، ورفع سعر السلع والخدمات في ظل ثبات دخول المصريين".

وألمح إلى أن "الزيادة التي قررتها الحكومة الخميس بدخول الموظفين لا تعبر عن معادلة عادلة للعلاقة بين الأجور والأسعار؛ لأن الفارق بينهما كبير، ولو نظرنا للحد الأدنى للأجور عند 2700 جنيه حينما كان سعر الصرف 15.60 جنيها، فإنه أفضل بكثير من الحد الجديد عند 3 آلاف جنيه بسعر صرف 19.77 حتى أمس".

 

إيقاف البيع في أسواق الأجهزة الكهربائية

وامتدت أزمة الجنيه في مصر إلى كافة الأسواق، وتأثرت أسواق الأجهزة الكهربائية بانخفاض الجنيه مقابل الدولار، وأغلقت العديد من المحال أبوابها نتيجة لحالة عدم الاستقرار التي يشهدها السوق، وصبت أغلب التوقعات بأن تتراوح الزيادة في أسعارها بين 15% إلى 30% على حسب توفر تلك الأجهزة مع أزمات عدم وصولها بسبب أزمة الاعتمادات المستندية وتوفر الدولار.

 

الجنيه لن يشتري رغيف خبز

وأكبر أزمة سيشعر بها المواطنون هي ارتفاع أسعار الدقيق، بأكثر من 1000 جنيه للطن الواحد، وهو ما يعني أن رغيف الخبز السياحي إما أن يفقد وزنه المحدد من وزارة التموين، أو يفقد سعره المحدد بجنيه واحد، إذ إن سعر طن الدقيق الحر الفاخر قفز بالتزامن مع إعلان التعويم ليصل إلى 17.5 ألف جنيها في السوق، بدلًا من 16 ألف جنيه قبل أسبوع تقريبًا، وهو ما يعني أزمة طاحنة في معظم البيوت المصرية.