ازداد الضغط الشعبي من سكان مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء، نتيجة لقرار من السيسي يقضي بتوسيع حرم ميناء المدينة، وإزالة ما يعترض ذلك من أحياء سكنية، برغم أنّ الميناء القائم ذو قدرات متواضعة وقديمة، وقد تم بناؤه في المنطقة السكنية الوحيدة المتبقية على طول ساحل المحافظة، ما يعني وجود بدائل كثيرة لإنشاء الميناء الجديد، ذي القدرات العالمية. وقد كسر سكان المنطقة المهددة بالإزالة حاجز الخوف، بتظاهرة أقاموها على بوابة مبنى المحافظة، انتهت بلقاء داخله مع محافظ شمال سيناء اللواء محمد عبد الفضيل شوشة.


وهتف المتظاهرون على باب المحافظة، بضرورة وقف قرار الإزالة، وأنهم لن يتركوا منازلهم مهما كلف الثمن، وحملوا لافتات تؤكد على ذلك، مع الإشارة إلى أنّ محافظة شمال سيناء، لم تعتد على المظاهرات، وفي وقت لا يجرؤ أي شخص أو مؤسسة أو حزب على إقامة تظاهرة أو وقفة سلمية، للمطالبة بحق عام، أو رفضاً لقرار جمهوري، ما دفع محافظ شمال سيناء لاستقبال المواطنين في قاعة الاجتماعات في المبنى خوفا من تصاعد الإحتجاجات.

وفي تفاصيل ما حدث، قال أحد المتضررين من إزالة الكتلة السكانية، والذي شارك في تظاهرة المحافظة: "نحن أصحاب حق، وما يجري ظلم حقيقي لآلاف المواطنين، وعلى مسمع ومرأى الجميع، في أمر يخالف العقل والمنطق، أن تترك ساحل المحافظة الممتد لأكثر من 200 كيلومتر، وتصر على إنشاء الميناء في المنطقة السكانية الوحيدة على امتداد الشاطئ، لا يمكن القبول بالقرار، ولذلك كانت لدينا الشجاعة بالخروج إلى الشارع أكثر من مرة، إلى أن استقر بنا الحال على بوابة مبنى المحافظة.


وأضاف، في حديثه: "وبعد أن تعالت الأصوات وبدأنا بالنداء بأننا لن نترك بيوتنا، وناشدنا المسؤولين بضرورة التدخل لوقف العمل في الميناء الجديد، أمر المحافظ بدخول المواطنين إلى قاعة الاجتماعات للاستماع إليهم، وإيصال رسالة المسؤولين إليهم، والتي تتعلق بتحسين التعويضات والبدائل، إلا أن رد المواطنين كان بصوت واحد مش هنسيب بيوتنا، ما دفع المحافظ إلى التراجع عن موقفه، وتأييده لموقف المواطنين بضرورة التفكير بنقل مكان الميناء الجديد إلى منطقة الكيلو 17 حيث لا يوجد سكان هناك، ولا يتضرر أحد من المشروع".


وبدا واضحاً خلال السنوات الماضية إهتمام السيسي بميناء العريش بمحافظة شمال سيناء، من خلال التدرج في السيطرة عليه، من تحويله إلى أغراض المنفعة العامة، ونزع الملكية الخاصة لأي عقارات تقع في نطاق حدوده، ومن ثم نقل تبعيته إلى وزارة الدفاع بشكل مباشر، وإبعاد الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس عن استخدامه أو إدارته بأي شكل من الأشكال، ليصبح الميناء منطقة عسكرية لا علاقة لأي جهة مدنية به.


وفي تفاصيل القرار الجديد، فإنه يقضي بنقل تبعية ميناء العريش إلى الجيش، وتخصيص الأراضي المحيطة به، واللازمة لأعمال التطوير، للقوات المسلحة، وذلك بإجمالي مساحة 541.82 فداناً (الفدان يعادل 4200 متر مربع). وبذلك استبدل السيسي قراراً سابقاً أصدره في 2019 بأن "تتولى الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس تمويل وتنفيذ تطوير وإدارة وتشغيل ميناء العريش". وكان القرار القديم قد تضمن "توقيع بروتوكول بين وزارة الدفاع والهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، يشمل الالتزامات الفنية والمالية والقانونية المتعلقة بإدارة الميناء".


وستؤدي هذه القرارات الجمهورية إلى تهجير آلاف المواطنين من سكان المنطقة، بعدما مكثوا فيها منذ عقود طويلة، وسط تجاهل إعلامي محلي، ما دفع المواطنين إلى إنشاء مجموعات إلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي لنشر صور منازلهم المعرضة للهدم، ونشر استغاثاتهم، دون وجود أي رد ملموس من الأطراف ذات العلاقة بإمكانية التراجع عن قرار الهدم والإزالة.