يشن اللوبي الموالي للاحتلال الإسرائيلي في إسبانيا حملة شرسة ضد كتيب مدرسي للحكايات المصورة أصدرته الحكومة المحلية في جزر البليار مؤخرا من أجل تدريسه لطلاب المدارس والمؤسسات التعليمية وتوزيعه في الخارج.

 
ويحوي الكتيب الذي وصفته جهات يمينية مؤيدة للاحتلال الإسرائيلي بأنه "يوجه الشباب للتعاطف مع القضية الفلسطينية" رسومات وصور لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الفلسطينيين فضلا عن قصص واقعية من الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة.
 
وتشن صحف ووسائل إعلام يمينية إسبانية، معروفة بتأييدها للاحتلال الإسرائيلي، منذ أكثر من أسبوع حملة إعلامية مكثفة ضد الكتيب الذي ستبدأ الحكومة المحلية لإقليم جزر البليار في توزيعه قريبا على المدارس، واصفة إصداره بأنه تبذير للمال العام ورضوخا "للوبي الفلسطيني والعربي".
وتعد أبرز الصحف الإسبانية التي هاجمت الحكومة لإصدارها الكتيب صحيفة "إيل موندو"، ثاني أكبر صحف البلاد انتشارا ومقربة من الحزب الشعبي اليميني المعارض.
 
وقالت الصحيفة إن حكومة البليار، وهي أرخبيل من ثلاث جزر كبرى على السواحل الشرقية لشبه جزيرة إيبيريا، أنفقت مبلغا كبيرا من المال العام تجاوز الـ300 ألف يورو من أجل إصدار الكتيب.
 
وأضافت الصحيفة في عددها الصادر أوائل الأسبوع الجاري أن إصدار هذا الكتيب، الذي يتضمن حكايات مصورة وقصصا، يأتي بعد المظاهرات الكبيرة التي شهدتها مدن جزر البليار خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة التي أسقطت أكثر من 1400 شهيد أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء.
 
مجرد تعاطف
ويتضمن الكتاب حكايات مصورة تحكي فصولا من معاناة الفلسطينيين مع هجمات جنود الاحتلال والمستوطنين، وهي حكايات استندت لقصص واقعية قبل وخلال العدوان الأخير على غزة، بالإضافة لصور تظهر الانتهاكات الإسرائيلية اليومية ضد الفلسطينيين، بحسب مراسل إسلام أون لاين.
 
واتهمت الصحيفة الإسبانية الائتلاف الحاكم في هذا الإقليم الإسباني، والمشكل أساسا من اليسار الموحد، الذي يهيمن عليه الشيوعيون وأنصار البيئة، بأنه وراء توجيه الشباب والطلبة البليار نحو التعاطف مع القضية الفلسطينية.
 
الحملة المناهضة للكتيب شملت أيضا النواب المؤيدين للاحتلال الإسرائيلي حيث هاجمت النائبة بيلار راهولا، المعروفة بكونها من أشد المساندين للاحتلال الإسرائيلي داخل إسبانيا، حكومة البليار ووصفتها بأنها "حكومة مقربة من الفلسطينيين ومعادية لـ(إسرائيل)"، وذلك في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الإسبانية.
 
وبدورها تحركت سفارة الاحتلال الإسرائيلية في العاصمة الإسبانية مدريد وطالبت بعدم توزيع الكتيّب، الأمر الذي انتقدته الحكومة المحلية.
 
الحكومة تنفي
ونفت حكومة البليار كل الاتهامات التي وجهت لها، سواء من طرف سفارة الاحتلال الإسرائيلية أو من طرف اليمين الإسباني، وقالت إن الهدف من إصدار الكتيب هو "توعية الشباب والطلبة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي بشكل موضوعي لا يتجاهل الحقائق، والمساهمة في صنع السلام بين الطرفين".
 
وجاء في بيان لحكومة الإقليم أن رقم 300 ألف يورو الذي تحدثت عنه صحف يمينية لا يمت للحقيقة بصلة، وأن النفقات الكاملة لإنجاز الكتيّب في حدود 75 ألف يورو، ومن المتوقع أن يجلب أرباحا أكبر من خلال بيعه في عدد من البلدان وفي معارض الكتب، وهي أرباح سيتم تخصيصها لجمعيات وهيئات تعمل من أجل السلام في منطقة الشرق الأوسط.
 
وأضاف البيان أن الحكومة المحلية لا تدخل نفسها في شئون السياسة الخارجية الإسرائيلية؛ لأن هذا لا يتعلق بطبيعة عملها بل بعمل الحكومة المركزية في مدريد.
 
وتضمن البيان إشارات إلى أن الكتيب يتعامل بتوازن وحيادية مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، و"أنه يضع على قدم المساواة الهجمات التي يتعرض لها الإسرائيليون من طرف "جماعات فلسطينية مسلحة" مع الهجمات التي يتعرض لها الفلسطينيون بدورهم من الجيش الإسرائيلي أو من جانب المستوطنين اليهود".
 
وقال جوزيب رامون بالانزات، مدير شئون التعاون الدولي في حكومة البليار، إن الكتيب "يتحدث بطريقة هادئة ورصينة عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كل شيء متعلق بطبيعة وجهات نظر كل طرف".
 
ووجه أعضاء في أحزاب يسارية بإقليم البليار انتقادات حادة للوبي الإسرائيلي ووصفوه بأن "ذاكرته قصيرة"، وذكروا بأنه خلال السنة الماضية تم إنفاق أموال كثيرة من أجل تخليد "اليوم العالمي للهلوكوست" في الإقليم، وتم نصب لافتات ضخمة في الشوارع، دون أن يتحدث أحد وقتها عما يسمونه "تبذير المال العام"، وأن هذا التبذير "بدا لهم اليوم فقط حين ظهرت وجهة نظر تختلف مع وجهة نظرهم"!.