08/03/2009
كشف الدبلوماسي الفرنسي المعروف والباحث في معهد العلوم السياسية في باريس ايف اوبان دولاميسوزيير عن تدخل أمريكي مباشر أدى إلى إفشال اتفاق صنعاء للمصالحة الفلسطينية الذي تم التوصل إليه بين حركتي فتح وحماس” في مارس/آذار العام الماضي .
وقال إنه عشية التوصل الى “اتفاق صنعاء” وقبل التوقيع عليه اتصل بوش بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، وابلغه أن توقيع الاتفاق مع “حماس” سوف يدفع واشنطن إلى إلغاء مؤتمر “أنابولس”، وقال إن رايس تولت إفشال العملية، واتصلت أربع مرات بعباس”.
وقال الدبلوماسي الفرنسي إن الحرب “الإسرائيلية” على غزة، أعادت الاعتبار إلى القضية الفلسطينية، ووضعتها فوق جميع الأولويات الدولية، وكشفت أنها تبقى المسألة المحورية في حل المشاكل الساخنة والمتفجرة على امتداد العالم.
وقال السفير المتقاعد والمدير السابق لدائرة شمال إفريقيا والشرق الأوسط في وزارة الخارجية إن البعض يحاول القفز على هذه الحقيقة من خلال تقديم ملفات أخرى، أو التذرع بمخاطر أو أطراف تهدد السلم العالمي. وحتى استسهال الحل على مسارات أخرى مثل المسار السوري.
وتحدث دولاميسوزيير، أمس، في مؤتمر صحافي عقده في نادي الصحافة العربية في باريس، عن قراءاته للتطورات في المنطقة العربية، وذلك من موقعه كأحد أهم الخبراء في شؤون الشرق الأوسط، ومن واقع زياراته ولقاءاته مع الكثير من المسؤولين المعنيين.
واستهل اللقاء بالحديث عن نتائج مؤتمر شرم الشيخ الذي عقد الاثنين الماضي في القاهرة، من أجل إعادة إعمار غزة.
وقال ان الحصيلة المالية كانت ضعف التوقعات، ورغم أهمية ذلك فإن الجانب الذي يستحق أن يولى الأهمية، هو أن يجري رسم أفق سياسي.
وقال إن 2009 سنة ميتة على صعيد تحقيق السلام، رغم إعلان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن عقد مؤتمر دولي للسلام في باريس خلال هذا الربيع. ولم يستبعد أن يعمد رئيس الوزراء “الإسرائيلي” المقبل بنيامين نتنياهو إلى التهرب من مواجهة الملف الفلسطيني نظرا لصعوبته داخليا، والذهاب نحو معالجة الملف السوري، لكنه أكد قناعته التامة بأن سوريا لن توقع اتفاق سلام مع “إسرائيل” من دون حل فلسطيني، وذلك بسبب الشعور القومي وموقف الرأي العام في سوريا، مستشهداً بتصريحات للرئيس السوري بشار الأسد تؤكد وجهة نظره.
ودعا الدبلوماسي الفرنسي إلى تجاوز شلل اللجنة الرباعية وإيجاد آلية أكثر فاعلية وتأثيرا، وانتقد غياب رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير مندوب “الرباعية”، عن مسرح الأحداث، وعدم زيارة غزة إلا بعد العديد من المسؤولين الدوليين.
وتساءل دولا ميسوزيير عن الفترة الزمنية التي سيبقى فيها ملف الشرق الأوسط يحظى بالأولوية لدى الإدارة الأمريكية، ونبه إلى الدور التعطيلي الذي يمكن ان يمارسه الكونجرس في حال شعوره بأن سياسة اوباما تقترب من العرب. وأشار أيضا الى ان نتنياهو ليس في وارد “سلام” مع الفلسطينيين في ظل برنامجه حول “السلام الاقتصادي”، وتكريس الانقسام الفلسطيني.
ودافع دولاميسوزيير عن موقف “حماس” في ما يتعلق بقضية الاعتراف ب “إسرائيل”، وقال إنه التقى غالبية قادة الحركة، مثل اسماعيل هنية ومحمود الزهار .
ونقل عن رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل حديثه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن قبول الحركة بدولة على حدود 1967. ولفت الى التغير الدولي الملحوظ تجاه “حماس”، ونبه الى الموقفين الفرنسي والأمريكي.
وخفف الدبلوماسي الفرنسي، كثيرا، من التأثير الإيراني في مجريات الوضع الفلسطيني الداخلي، وقال ان طهران كانت حاضرة في شرم الشيخ والدوحة، كما أن مشعل زار طهران مؤخرا، لكن ايران غير قادرة على ممارسة ضغوط على الفلسطينيين الى حد التحكم وتوجيه مسار الورقة الفلسطينية .
وشدد في نفس الوقت على متانة العلاقات السورية الإيرانية، واستبعد أن تؤدي عملية الانفتاح الغربي على سوريا الى خلق شقة بينها وإيران، وقال إن سوريا يمكنها ان تلعب دور الوسيط بين إيران والغرب، لكنها لن تقف في الموقع المعادي لإيران.
ورشح دولا ميسوزيير المعتقل الفلسطيني القيادي في “فتح” مروان البرغوثي للعب دور صلة الوصل بين “فتح” و”حماس”، وقال إنه على صلة وثيقة وحوار دائم مع قيادات “حماس” في المعتقل، وكشف انه يحظى بتقدير “حماس” التي وضعته على قائمة الأسرى الذين تطالب بتحريرهم، مقابل الجندي “الإسرائيلي” جلعاد شاليت.