الناصرة ـ 'القدس العربي' من زهير اندراوس: طغت حالة من الارتباك الشديد على المشهد السياسي الاسرائيلي في اليوم السادس عشر للعدوان البربري على قطاع غزة، ومع اعلان السلطات عن عودة التلاميذ في الجنوب الى مقاعد الدراسة، قامت المقاومة الفلسطينية باطلاق صاروخين في الساعة السابعة وعشرين دقيقة على مدينة بئر السبع، الامر الذي اجج حالة البلبلة التي تسود المنطقة الجنوبية في الدولة العبرية.
وكشفت صحيفة 'يديعوت احرونوت' النقاب في عنوانها الرئيسي عن ان قائد المنطقة الجنوبية، الجنرال يواف غالانط، يدفع باتجاه التصعيد والشروع بالمرحلة الثالثة من خطته العسكرية التي عكف على اعدادها ثلاث سنوات وفقا لمصادر اسرائيلية، معتبرا ان عدم اتخاذ مثل هذا القرار هو خطأ تاريخي، على حد تعبيره. في نفس السياق كشفت صحيفة 'معاريف' الاسرائيلية النقاب عن ان الحكومة الاسرائيلية وجّهت رسالة شديدة اللهجة الى النظام الحاكم في القاهرة، جاء فيها ان مواصلة رفض مصر استلام المسؤولية الامنية على محور صلاح الدين (فيلادلفيا) سيؤدي الى قيام الجيش الاسرائيلي باحتلاله من جديد والسيطرة عليه، لمنع تهريب الاسلحة من شبه جزيرة سيناء الى المقاومة في قطاع غزة.
يشار الى ان رئيس الطاقم الامني والسياسي في وزارة الامن الاسرائيلية الجنرال المتقاعد عاموس غلعاد، وصل الاحد الى مصر لاجراء محادثات مع صناع القرار في القاهرة وحثهم على القبول بتسلم المسؤولية عن محور صلاح الدين، وهو الامر الذي ترفضه مصر، وبات واضحا امس ان حالة التلكؤ في اتخاذ القرار السياسي فيما اذا كانت الجيش الاسرائيلي سيدخل المرحلة الثالثة من العدوان على غزة، دفعت المحللين في وسائل الاعلام العبرية الى الاتفاق على انّ هذه الحالة لا تلعب في صالح الدولة العبرية، واتفقوا على انّه لا مفر من ايجاد مخرج سياسي يضمن المطالب الاسرائيلية، الا ان 'يديعوت احرونوت' ابرزت تسريبات قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال الذي يقوم بحث رئيس الوزراء ايهود اولمرت ووزير الامن ايهود باراك من اجل موافقتهما على توسيع الحملة البرية في قطاع غزة، لايمانه الراسخ بأنه يمكن حسم المعركة ضد فصائل المقاومة لصالح اسرائيل دون احتلال قطاع غزة بشكل كامل.
ونقلت الصحيفة العبرية عن قائد الحملة العسكرية الجنرال غالانط قوله ان توسيع العملية البرية سيكون منوطا بخسائر في صفوف الجنود وتمديد خدمة جنود الاحتياط، ولكن بالمقابل فانّ توسيع العملية سيؤدي الى حل مشكلة الامن في جنوب الدولة العبرية لفترة طويلة، على حد تعبيره.
كما نقل عنه قوله انّ الدولة العبرية تملك فرصة ذهبية لحل مشكلة حركة حماس. واذا لم تقم بذلك ستخسر فرصة تاريخية، لافتا الى ان وقف الحملة العسكرية الان سيقود الى عدة سنوات هدوء، ولكن حماس ستجدد تعاظمها العسكري وستصل الصواريخ الفلسطينية الى مدينة تل ابيب في مركز اسرائيل، على حد وصفه.
علاوة على ذلك، اشارت الصحيفة الاسرائيلية الى انّ قائد المنطقة الجنوبية يرفض جملة وتفصيلا الحراك الدبلوماسي لحمل مصر على مراقبة الحدود مع قطاع غزة، قائلا ان اسرائيل يمكنها الاعتماد على جيشها فقط.
وكتبت صحيفة 'هآرتس' العبرية ان مسؤولين فلسطينيين يرون ان النصر الاسرائيلي على حماس بات قاب قوسين او ادنى، الا انه يتطلب قرارا اسرائيليا بتقويض سلطة حماس، على حد تعبيرهم. علاوة على ذلك، اضافت الصحيفة ان المسؤولين اياهم يقومون بحث الدولة العبرية على حسم المعركة من خلال السيطرة على رموز سلطة حماس في قطاع غزة، الامر الذي سيعني انتهاء سلطة حماس في غزة. والرموز التي يقصدونها بحسب الصحيفة هي المنتدى (دار الرئاسة الفلسطينية على شاطئ غزة)، مبنى المجلس التشريعي، الجامعة الاسلامية، والسرايا، وهو مجمع الاجهزة الامنية الفلسطينية، وجميعها قامت آلة الحرب الاسرائيلية بتدميرها عن بكرة ابيها، الا انّ المحلل العسكري في 'يديعوت احرونوت'، الكس فيشمان، رأى ان صورة الانتصار يجب ان تكون اعتقال قائد الجناح العسكري لحماس احمد الجعبري، واقتياده لاسرائيل لمحاكمته، كما فعلت القوات الامريكية عندما اعتقلت الرئيس العراقي الراحل صدّام حسين في مخبأ ما في بلاد الرافدين، ووثقت عملية الاعتقال بالصور، الامر الذي كان بالنسبة للامريكيين صورة النصر، على حد تعبيره.
وقالت صحيفة 'يديعوت احرونوت' ايضا ان ان رئيس الوزراء ايهود اولمرت يعتقد انّ اسرائيل لم تحقق بعد الاهداف التي حددتها قبل سحب الجيش، مشيرة الى انه يحظى على تأييد من المجلس الوزاري الامني والسياسي المصغر اذا ما قرر توسيع الحملة، لكنّه، بحسب المصادر الاسرائيلية، يُفضل مخرجا سياسيا يوقف القتال ويفرض رقابة على محور فيلادلفيا لمنع تدفق السلاح من سيناء الى المقاومة في القطاع. وساقت الصحيفة قائلة انّ وزير الامن ايهود باراك، ورئيس هيئة الاركان غابي اشكنازي، يؤيدان توجه اولمرت، ولكنّ وزيرة الخارجية تسيبي ليفني ترغب في وقف الحرب من جانب واحد وضمان وجود رقابة على محور فيلادلفيا دون اتفاقات مع حماس تمنحها الشرعية، مشيرة الى انّ اسرائيل ستواصل الاحتفاظ لنفسها بتوجيه الضربات لحركة حماس في حالة مواصلتها اطلاق الصواريخ على الجنوب، ولكنّ المصادر السياسية في تل ابيب اكدت انّ موقف ليفني لا يحظى بتأييد اعضاء المجلس الوزاري المصغر.
من ناحيتها قالت صحيفة 'معاريف' ان التوجه العام لدى القيادة الاسرائيلية هو الامتناع عن اجراء اي مفاوضات غير مباشرة مع حماس لعدم اعطاء التنظيم شرعية، بالاضافة الى ذلك، نقلت الصحيفة عن مصادر وُصفت بانّها رفيعة المستوى انّ اقطاب الدولة العبرية يوجهون اصابع الاتهام لمصر وليس للفلسطينيين، ويحذرونها بانّه في حال عدم التوصل الى تفاهمات معها حول منع تهريب الاسلحة فانّ العملية العسكرية الحالية ستتحول الى حرب، على حد تعبير المصادر.
وزادت المصادر قائلة انّه في حال عدم تجاوب المصريين مع الطلب الاسرائيلي بنشر قوات دولية على محور فيلادلفيا، فان قوات الاحتلال الاسرائيلي ستتجه نحو المحور وتحتله وتسيطر عليه.
وذكرت الصحيفة ان وزير الخارجية الالماني وصل امس الى الدولة العبرية، بعد ان قام بزيارة الى القاهرة واجتمع الى الرئيس المصري محمد حسني مبارك، واكد له ان المانيا على استعداد للمشاركة في القوات الدولية لمنع تهريب الاسلحة من محور صلاح الدين، كما قالت المصادر الاسرائيلية ان ايطاليا اعربت هي الاخرى عن استعدادها لارسال جنودها الى المحور للمشاركة في القوات الدولية التي ستعمل على احباط عمليات تهريب الاسلحة من سيناء الى المقاومة الفلسطينية في القطاع.
 

