بقلم د/ أحمد الصروى
حين تفشل القوة ويقف البطش حائرا ويستنفذ التنكيل كل أدواته ,حين يحدث كل ذلك أمام الحق الثابت الصامد المستمر, تأتى محاولات بث الفتن.
· إنها الفكرة القديمة جاءت من جديد لتشق صف الثابتين على الحق فى السجون وخارجها, جاءت من نفس العقول الخربة التى تجثم على أنفاس الوطن منذ ستين عاما, تلك العقول التى عهدناها تحفظ ولا تفهم, تطبق ولا تفهم الظرف, من هذه العقول الصدئة جاءت الي السجون فكرة (التأييد) من جديد, هم طبعا لم يطلقوا عليها كلمة (التأييد) ظنا منهم ان هذا هو التجديد, وإنما أطلقوا عليها اسما جديدا رنانا متماشيا مع الحدث: (المصالحة).
· قبل أن تهل علينا أياما ملهمه - أسأل الله أن تكون من أيام الله- ألقيت إلى الصامدين فى سجون الانقلاب ورقة المصالحه, ألقيت من باطل باطش لكنه على حافة اليأس, بدأوها بقضية (أحداث مسجد الفتح) لعلهم يجدون فى خمسمائة معتقل منذ ستة عشر شهرا من قد أصابه الوهن, ثم لعلها تكون حلقة فى سلسلة.
· أرسلوا لنا فى السجون ورقة صغيرة بريئة؛ فقط اكتب إقراراصيغته أنك لاتنتمي إلى جماعة الإخوان وأنك مستعد للمصالحة مع الحكومة ووزارة الداخلية, ثم اذهب واحزم أمتعتك فهنيئا لك الإفراج.
· لكن الأمر مختلف كثيرا هذه المرة, نعم إن تضحيات عظيمة قد قدمت, وجروح غائرة قد نتجت ونكئت, ولكن عزامات النفوس لازالت ماضيةبفضل الله وحده الذى ثبت عباده المستضعفين. ما أراده بنو إسرائيل هو فقط النجاة من بطش فرعون, فقط أن ينجو كل واحد بنفسه, أرادوا شيئا واحدل هينا يتمحور حول ذواتهم ويترك القضية الأساسية وهى الحق الذى يحارب, أرادوا أمرا واحدا ولكن الله أراد لهم خمسة أمور "ونريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم فى الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون" هذا هو مراد الله لهم حين صبروا " وتمت كلمة ربك الحسنى على بنى إسرائيل بما صبروا " فاصبر قليلا فقد فات الكثير.
· نعم ربما ستكون هناك أياما صعبة على اهالى بعض المعتقلين حين تعلق لهم الجزرة من طرف العصا, ولكن هل تعاودوهم وآثار فؤوسهم قد حطمت بيوتكم وانتزعت أبنائكم من بينكم؟ هل تصدقون الكاذب؟ هل تظنون ان للخائن عهد؟ هل صار القاتل المجرم فجأة ذو قلب رحيم يحب المصالحة؟ فقط ارجعوا إلى التاريخ لتعلموا أن من أيدوا لم يخرجوا من السجون إلا بعد أن باعوا دينهم وضمائرهم, ثم إنهم حتى لم يخرجوا إلا بعد سنة على الاقل من تأييدهم البائس!
· ورقة (المصالحة) الجديدة هى هى ورقة (التأييد) القديمة لعبد الناصر, فلا يلتبس الأمر على أحد منكم يا أهالى المعتقليين,لأنكم ستجدون من يؤصلها شرعا من شيوخ الفتنة وعلماء الانقلاب, ستجدون من يضع لها إطارا سياسيا أنيقا عميقا يرضى غرور نافذى الصبر قصيري الأنفاس, ستجدون من يسوقها لكم فى عاطفة مؤججة تدغدغ مشاعركم, فلا تنساقوا مع هؤلاء أو أولئك.
· وأيها الثوار الصامدين المرابطين, لا يضركم من خالفكم ولو ظللنا نحن المعتقلين فى السجون إلى الأبد, فلا تضلوا الطريق ولا تنحرفوا عنها فإنها قد قاربت على الانتهاء والله, ولا تصدقوا أبدا أننا قد نتصالح مع من يقتلنا ويقتل وطننا.
· من كان يضن بشهرأوشهرين أوعام أوعامين من حريته فى سبيل رسالته وقضيته ودينه, فليعلم أن هناك من قدم عمره كله لله, هناك من قدم روحه أوعينه أوطرف من أطرافه, فاستعينوا بالله واصبروا يا سكان الزنازين الأبيه, ولاتكونوا كالتى نقضت غزلها من بعد قوة.
· رب السجن أحب إلي من خذلان دماء الشهداء...
· رب السجن أحب إلي من النكوث فى العهود ...
· رب السجن أحب إلي من مصالحة ظالم أو قاتل ...
· رب السجن أحب إلى مما يدعوننى إليه..
*المعتقل فى سجون الانقلاب

