ليس الأول وليته يكون الأخير الشاب حسين المطيري محاسب من مدينة العريش ويعمل بشركة النصر للملاحات بسبيكة والتي تقع غرب العريش ، يستقل حسين ورفاقه الباص الخاص بالشركة من وإلى العمل كل يوم تقريبا ، وفي طريق الذهاب والعودة يمر الباص بكمين الميدان غرب مدينة العريش ، أي أن الباص بركابه أصبح مألوفا عند الأشاوس في كمين الميدان.

 

ولكن بدون مقدمات وبدون أسباب إذ لم يكن هناك احتكاك بأحد ولا اقتحام ولا إطلاق نيران ، يتبرع أحد السادة الاشاوس بإطلاق زخة من الرصاص فتصيب حسين في رأسة فيموت على الفور.

 

لو أعدت هذا السيناريو ذاته لو غيرنا فقط إسم الشهيد ستجد أنها رواية مكروره مره ومره، فبنفس الطريقة استشهد هاني محمد حسن فقط كان يستقل سيارته وطلب منه الجنود الرجوع فاستدار ليرجع لتكون هي المرة الأخيرة التي يرى فيها الدنيا إذ تبرع أحد الجنود برصاصة استقرت في رأسه ولو أعدت المشهد على الشهيد إبراهيم محمد سالم ستجد نفس السيناريو وأيضاً استقرت الرصاصة في رأسه.

 

عشرات الحالات وفي ظروف مشابهة دون وجود لاشتباكات يبادر الجنود بإطلاق النار وغالبا ما تستقر الرصاصة في الرأس ، هذا المشهد الحزين حوّل هذه الكمائن الثابتة لمصدر لقتل المواطنين المدنيين السلميين وحولها إلى هدف ثابت وسهل لمسلحي الولاية ينفذون فيها عملياتهم الكبرى فيقتلون ويغنمون.

 

كل ذلك يأخذ إلى حقيقة واضحة أن المشهد في سيناء بمرور الوقت يصبح أكثر تعقيدا ومنظر الدم والعنف يصبح مألوفا وتضاف كل يوم إلى نار الفتنة المشتعلة دماء بريئة تزيدها اشتعالا، ومع مرور الوقت يتكشف للجميع فشل الحل الأمني وعجز الحملات العسكرية عن فرض السيطرة ويتضح كم هي مأساة الكل فيها يقتل ويقتل دون أن يستطيع أحد أي أحد أن يقول متى نهاية هذه المأساة.

 

فعندما يكون الحل الذي تقره الدولة هو حل أمني وفقط وينفذه على الأرض قادة مرتبكون فشلة وجنود يعيشون حالة من الرعب وانعدام الروح المعنوية وينتظر الموت كل صباح فإنهم سيطلقون الرصاص بدون سبب ولا مانع أن تستقر هذه الرصاصة في رأس موظف يمر كل يوم على الكمين وفي باص يحمل لوح حكومية ، إذ أن السيسي قطع على نفسه عهدا لا يزال وفيا في الالتزام به أنه من يقتل فلن يحاكم.

 

بيئة خصبة للقتل نترحم فيها كل يوم على مواطن وبيئة خصبة أيضا ينضم فيها كل يوم إعداد جديدة لداعش، وأيضاً تسافر فيها توابيت ملفوفة بعلم مصر الى القاهرة تحمل جثامين جنود وضباط، حالة قتل غوغائية لا أحد يستطيع أن يقول لماذا ولا إلى متى إلا صاحب التفويض عندما ينتهي دوره في قتال الاٍرهاب المحتمل ،، والى ذلك الحين يظل صاحب التفويض مسئولا عن كل قطرة دم تراق وكل روح تزهق حتى وإن لم يفتح لصاحبها مجرد تحقيق يعرف فيه لماذا قتل ،، إلى ذلك التاريخ لكي الله يا سيناء

 

الكاتب / يحيى عقيل – عضو مجلس الشورى المصري عن شمال سيناء.