بقلم: محمد ثابت

     وقت أن أحتاج إليك وتغلق الباب في وجهي، "وتسكّر الباب"، تظن إني سيقتلني الاشتياق، أو إني سأظل لدى الباب سنين،  آهٍ يا باب مرهون بعذاب الأحباب، وما هذه الحياة إلا " مفصلات" أبواب، "شو غُربْ .. شو أصحاب"..
    هذه ما تبقيه الذاكرة "بتصرف يسير" من أغنية لبنانية تتحدث عن أبواب وقلوب البشر، هذا مع شىء من "تعريب" الأغنية، أو ردها إلى الفصحى، ورغم "هجراني" الأغاني وعهدها منذ سنوات ليست بالقليلة، إلا إن الكلمات في ثوان تقفز إلى الجزء الواعي من العقل في أحيان ليست بالقليلة..
                                      (1)
      لصديق، رغم الاختلاف في مآلات الرؤى والأفكار، محمد عيد إبراهيم، كان أول من حول معناً بداخلي إلى لغة، قدمها إلي في وعاء سهل يسير الفهم لما قال لي، وكان يريد جذبي إلى العمل في إحدى الهيئات الحكومية الخليجية:
ـ مشكلتي إني لا أحسن الإنضواء تحت صفحات اجندة!
    وكان يقصد "شلة" متمايزة فكرياً، بحسب رأي أفرادها، وهم يتسامرون فوق "انحطاط" مصالحهم، ودوائر طلباتهم الجهنميّة، وتماسكهم مع مؤسسات الدولة المصرية "الثقافية" من "أعمال" خاصة بالنشر والسفر وما شابه، وهي تتواصل مع "مؤسسات" مماثلة عبر "شلل" أخرى في دول متناهية..والشاهد إنهم يكتبون عن عالم من المثالية المتناهية ..ويغوصون حتى النخاع في مستنقع يعلو لفظ الوحل عليه..
رُوِيَ إن أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب، رضي الله عنه قال:
ـ "كلمة الحق لم تبق لي صديقًا"!
    اللهم أمتنا على دربه..
                                   (2)
      تمضي سنيّ العمر متلاحقة وتُفاجأ بإنه مطلوب منك الوقوف لدى الأبواب كما في الأغنية "الشامية" ..دون سنّد من البشر  كما في مفكرة صديقي المفتقدة على الدوام، ومن قبل "المثابرة" التي خلق الله بها بعض "خلقه" على قول "كلمة الحق" في "وجوه" الآخرين وما يجره الأمر على الدوام..
     مطلوب منك، يا عزيزي، الآن بوضوح أن تعود لإرتداء البذلة الكاملة، التي اخترعها الغرب لإشعار مواطنيه إنهم ضخام الجسد بما يكفي لإخافة المخلوقات الأخرى، التي ليست بشراً فقط منك، فالرداء ذي القطع أحياناً .. ورباط العنق.. لكي يكتمل.. يحتويك ليبرزك مرة ونصف المرة ،جسدياً، تقريباً، لديك الآن أكتاف عالية، و"جاكيت" يداري بروز جزء من جسدك أسفل الصدر.. تنبه الغرب إلى أهمية ألا يبرز منذ عشرات السنوات..
   مطلوب منك ان تعمل على تحديث "أدق" نسخة من سيرتك الشخصية .. بحيث تحتوي مهاراتك وخبراتك، وتبدي شيئاً من رحيق نفسك للآخرين، كما إن عليك ان تتجهز لسلسلة من "سخافات" الآخرين غير المحدودة، ولتهديدك حيال بعضها بمغادرة المكان، وأحياناً "غلقك الباب بقوة خلفك" فيما الآخرين كانوا يظنون إنك ستلبث خلفه "سنين"
                                          (3)
   أولئك الذين تظن إنك تقف معهم في خندق واحد ..!
في أوقات الأزمات كما ..الانفراجات يفاجئوك واحد منهم بما هو بعيد كل البعد عن خيالك، ولمعرفتك بالمئات من المُخلصبن منهم، وتفاجأ بإن الحياة البشرية، لديه، ليست مبنية على القاعدة التي حفظتها صغيراً:
ـ لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة .. مضاد له في الاتجاه..
    صارت القاعدة لما "ارتطمت" بالحياة العملية:
ـ لكل فعل رد فعل "مضاد" له في الاتجاه .. مضاعف القوة على "من أقدرك" الله عليهم..
    وهل "للنقص" البشري حدود..؟
وما دامت الأمور "تجري بمقادير" فلماذا "التعزز" عن البوح بها، و"الوهن" في منافحة "أدواء" البعض .. على الأقل..
                                               (4)
     بكامل هيئتك قبل الخروج كل مرة تنصحك النفس الواعظة المدعية الحكمة:
ـ صلّ قبل ارتداء "البذلة" لكيلا "تتهدل أكثر"..
ـ بل لا تحلو الصلاة إلا بها ..
   والوقوف أمام الملك الجبار .. تزدان كلمة المتكبر لما تنسب إلى رب العزة وحده، الله اكبر تفتح، تلقائياً، أمام عينيك جميع الأبواب المغلقة، إنك ما جئت الحياة لتقف أمام باب إنسان، يقارن قدراتك بقدراته، ولا يهتدي إلى كون "ثغره" المكلف بحراسته منها غير ثغرك، فامكاناته مختلفة عما أودعك الله من نعم، وفي النهاية ستجد نعمك مساوية لما استودعه الله..
    تسمع كلمات الذكر الحكيم من سورة الفاتحة فتوقن إن سبب مجيئك إلى الحياة عبادة الله الكريم، وهي كافية ل"يقيك"، سبحانه، همّ الرزق.. ومن يظنون إنهم رازقين سواه..
ـ اللهم اغنني بفضلك عمن سواك..
                                              (5)
     وحين تضيق الأبواب، ويخامر الشمعة التي تنير لك مفاتح شىء من الرزق، أو هكذا يخيل إليك، وحين يخامر الشمعة ذبول، وتأسى لمكانك من العمل، وجلستك أمام جهاز الحاسب الآلي، الكمبيوتر، بعد ضنى الامكانات، ومن أراد لك التواجد في العمل، ومن ضاق بك قبل أن يعرفك جيداً، وحين تجد شوقك المستبد للتواجد في العمل محتار معك ومعه..هاهنا كنتَ تعمل على نشر كلمة تضيىء الدرب للإنسانية، لا لبني وطنك فحسب، وأنت تعرف إن جميع بني أوطان الإنسان الآن لا تروع أغلبهم إلا مشاهد الدماء، مع مشاركة كثير من المُغترين بالدنيا معهم بالتحريض أو ألتواء الضمير أو بهما معاً، اللهم إلا ما رحم ربي،..حين تجد شوقك للعمل تضنيه مخاطر "غلق الأبواب"عن جميع العاملين فيه..
    وحين تضيق ابواب البشر، وتذكر الذين حدثتهم من قبل في الأمر، وقد تكرر مرة، وإن كلماتك لم تغن عنك من أمر الله منذ شهور، وليس بتموقع أن تغنيك اليوم.. تتذكره وحده..
   لا يُلزمك لكي تلقاه بالبذلة الغربية، أو الابتسام الشرقي الزائف، ولن يترك مجال العمل المهني ليسألك لماذا غادرت وطنك الآن؟ ولن يذكرك بإن عمره دون ال.... وأجلسه غير متحمليّ المسئولية في هذا المكان، ولن يراوغك ليعرف ماذا سيستفيد منك بشكل خاص..
   بل سيفتح لك ألصق الأبواب بك، تلك التي هي أقرب إليك من حبل الوريد، وسيواسي أحزانك، ويربت على ألمك، مع من هم من المفترض إنهم ردء لك، سيطمنك على الرزق، وعلى باب للحرية فتحه برحمته للتعبير عن الثوار..