حازم سعيد :

هكذا قالها لي صديقي ضمن أحد كلماته القاطعة للدلالة على عدم أهمية التظاهرات ولا قيمتها ، ولا الفعاليات السلمية التي تسير في الشوارع .

صديقي هذا يريد منا أحد اتجاهين بين أن نحمل السلاح وندخل مع النظام في مواجهة مفتوحة ، أو بين أن نعود إلى المساجد نمارس التربية ( أي تربية ؟ وكيف ؟ وهل بقي لنا مساجد ؟ ) ، ونترك ساس يسوس فهو سائس سياسة إلى أن يشاء الله .

أردت في هذه المقالة أن أعرض جزءاً مما رددت به على صاحبي متحدثاً عن فعالياتنا الجماهيرية وأبين أثرها الفعال في إنجاح ثورتنا التي ستنجح رغم أنف من رغم وبإذن الله ، وستتنصر إرادتنا وسنفوز حتماً بإحدى الحسنيين هنا في الدنيا والمنزلة والمكانة عند الله سبحانه في الآخرة .

 

تحية تقدير للمجاهدين بالشوارع

أما هؤلاء المجاهدون الذين لم تنثني إرادتهم ، ولم ييأسوا ولم تلن قناتهم ، ولم يتركوا الشارع معلنين رفضهم للانقلاب طوال عام ونصف ، فوجب لهم تحية تقدير وإعزاز ، وإن حييتهم أنا العبد الضعيف في الدنيا ، فما بالك بربي وربهم ! سبحانه .. الرب الكريم العظيم الذي يطلع على جهادهم وصبرهم وثباتهم لأكثر من عام ونصف ، لم تلن لهم قناة ، ولم يهدأوا أو يكلوا أو يملوا !

قابلتهم كل أنواع المحن التي يمكن أن تقابل صاحب مبدأ ، بين الأذى النفسي والمعنوي ، وبين الأذى الجسدي المادي .

مئات المثبطات ، ومئات المحبطات والميئسات ، إعلام فاجر وفلول وإشاعات تنتقصهم ، ورفاق يتركون دربهم ، ورفاق أخر يهمدون عزمهم ، ويطفئون نار ثورتهم ، ويقولون لهم لا فائدة مما تفعلون ولا طائل من ورائه .

رصاص الشرطة الغادر ، بين الرصاص الحي وطلقات الخرطوش ، وقنابل الغاز المحرم ، ومطاردات البلطجية ، والاعتقالات ، والقتل ، والإصابات والعاهات المستديمة .

رغم كل ذلك هم ثابتون على مبدئهم ، وينزلون اليوم تلو الآخر ، لا تنهد عزيمتهم ، ولا تخمد ثورتهم ، ولا يهدأون .

لاعجب ، فإنهم هم المجاهدون ، وهم أصحاب المبادئ ، وهم من أدمنوا الحرية في زمن العبيد ، وهم من علت رؤوسهم في زمن المطأطئين ، وهم من وضعوا أيديهم في يد ربهم سبحانه ، معلنينها بيعة الجهاد والصمود والثبات على الحق .

فيا أيها الأحرار .. طبتم .. وطابت منازلكم .. وطاب ممشاكم .. وتبوأتم  من الجنة منزلاً .

 

هل تحسم الثورة بالتظاهرات ؟

لا يمكن أن أضع إجابة واضحة وقاطعة ، فكل ثورة لها ظروفها ، وكل تغيير لنظام حاكم جائر محتل له ظروف بيئة ومتغيرات تحكم عوامل تغييره .

والذي أستطيع أن أجزم به أن النظام الانقلابي الخسيس والمدبر من قبل الصهيونية والصليبية العالمية بإشراف ودعم خليجي كامل سيسقط بتضافر مجموعة من الجهود منها ما هو اقتصادي ، ومنها ما يأتي نتيجة حركة على الأرض مع الناس بالتوعية والتعريف لتحضير ظهير شعبي يدعم أي جهد ، ومنها ما هو تحت إطار القوة الثورية الراشدة التي تمثل أحد أركان الجهاد الثوري ( أستعير هذين المصطلحين من آخر بيانات تحالف دعم الشرعية ) .

ويبقى مع ذلك وجود التظاهرات بالشوارع كمظهر حيوية للثورة ، وكنبض حي لها ، وكمؤشر لقدرتها على إيجاد الدعم والظهير الشعبي وحشده .

إذن فللتواجد السلمي المعبر في الشارع ( تظاهرات - مسيرات - سلاسل - زهرات - .... الخ ) بجوار أخواته من وسائل الثورة ( إعلام - حركة فردية منظمة بين الناس في الشارع - القوة الثورية الراشدة ...) ، أقول : لهذا التواجد السلمي فوائد كثيرة ، أستطيع أن أحصيها في هذه النقاط :

1. رسالة إعذار إلى الله ، وأنه ليس كثيراً على نعمه علينا ، وعلى هدايته لنا ، ودلالته على هذا الطريق أن نقف في الشارع رغم القنص والقتل والغاز والمطاردة والاعتقال سنة ونصف أو سنتين أو عشرة ، فهي باب من أبواب التماس القبول والرضا من الرب الكريم سبحانه الذي طلب من المؤمنين المقاومة والجهاد لآخر نفس فاشترى منا الأنفس والمال ، مقابل جنة عرضها السموات والأرض ، وتكفل بدلالة المجاهدين إلى الحق ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) ، كما تكفل سبحانه بنصرهم سواءاً بسواء ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد )

2. رسالة واضحة لعناصر الانقلاب من الصهيونية والصليبية العالمية وداعميه من الخليج وأدواته المنفذة هنا في مصر من العسكر ومؤسساته ( عسكر - شرطة - قضاء - إعلام ) أن أنصار الحق لا أمل في يأسهم أو كللهم أو قعودهم عن قضيتهم ، كما لا أمل في إبادتهم ، وأنهم لم يكلوا وأن كرسيهم تحت الزلزلة وسيزلزل إن شاء الله ، هذا كله يولد الهلع والخوف في نفوسهم مهما بدا على ظاهرهم من جأش أو قوة مادية ، وأنا أصدق رب العزة سبحانه ولا أصدق غيره حين يقول : " إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون ) ، وأصدق رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ولا أصدق غيره حين يقول : " نصرت بالرعب مسيرة شهر " ، فالباطل الضعيف حين يرى هذا الصمود والثبات يتولد عنده هو وبنفس القدر نوعاً من اليأس والملل - بل وأزعم - الرعب .

3. رسالة قطعية الثبوت-  قطعية الدلالة ، مليئة بالأمل والرجاء ، فالله سبحانه الذى قوى ظهر هؤلاء الضعفاء والمجاهدين بالشوارع ليبقوا على فعالياتهم مهما لاقوه من مثبطات ومحبطات وعوائق وقيود مادية ونفسية .. هو سبحانه القادر على نصرهم .

وكلنا أنصار الشرعية - كبشر ضعفاء - نحتاج إلى ما يقوي الأمل في نفوسنا ، فهذه التظاهرات والفعاليات هي مما يعطي - باستمراريتها وثبات المشاركين فيها وتزايد عددهم خاصة في أيام الموجات - الأمل والاستبشار ، وهو ذاته مما يعطي دافعية أكثر للاستمرار والمقاومة والصمود .

من هذا الاحتياج أفهم بشارة الرسول صلى الله عليه وسلم بالنصر على الروم والفرس في عز حصار الكفار للمسلمين في غزوة الأحزاب وفي ظل فراغ الأسباب المادية بين يدي الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين .

4. هو منبر إعلامي واضح ومحدد ومفصل ومبدع ، إن ضاقت علينا منابرنا وعجزت عن الوصول إلى رجل الشارع البسيط ، تأتي هذه الفعاليات السلمية لترد بصورة واضحة على الزيف الذي يراه الناس في الإعلام ، ويأتي الرد من خلال التواجد نفسه ، ومن خلال الرسائل التي تصل بالهتافات والبنرات واللوحات المحمولة بأيدي المتظاهرين .

5. هو من إقامة الحجة على الظالمين ممن يؤيد الانقلاب ويسير في ركابه ، فإذا حانت ساعة الجد ووصلنا لمرحلة الحسم الثوري وكان هؤلاء الظالمون ممن ستطولهم يد العقاب الثوري ، نكون حينها قد أعذرنا منهم ، وأقمنا عليهم الحجة مرات ومرات ، فإذا طالتهم يد الثورة بالعقاب ضمن من ستطول من عسكر أو شرطة أو قضاء أو إعلام ، فلا يلومون إلا أنفسهم .

6. تدريب ولياقة وإعداد لهذه الحشود لأنك ستحتاجها لحظات الحسم الثوري بالقوة الثورية ( وكما قالوا في الأمثال فالكثرة تغلب الشجاعة ) حين يكون معك القوة الثورية ويكون معك معالم واضحة للحسم الثوري ، وفي الوقت ذاته يكون معك حشوداً هادرة تقف في وجه القوة الغاشمة الظالمة حينها ستكسرها وستكون هذه الحشود التي اكتسبت لياقة التصرف أثناء الاعتداءات والقدرة على الوصول للمعتدي وحصاره واحتجازه .. ستكون هذه الحشود أحد أدوات إسقاط الانقلاب إن شاء الله .

كبسولة :

1. من يشك في أنها حرب على الدين من الأساس رغم كل الهوجة الكذابة من الإعلاميين المجرمين ضد الشريعة وضد ثوابتنا وضد الوسالئل الصحيحة العلمية المنهجية التي نقلت لنا ثوابتنا ( كالبخاري ومسلم وأم المؤمنين عائشة والصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه ... الخ ) ، من لا زال في شك من أنها حرب على الدين فلينظر إلى ألفاظ وتعبيرات وجه الخائن الهاشتاج الخسيس ، وهو يعطي محاضرة متعالية لمشايخ الأزهر الذين هانوا على أنفسهم فاهانوا عند الناس ، وبين تعبيرات وجهه وهو يخطب ود طائفة من المسيحيين ليدير من خلال الاستقواء بهم واجتلاب مرضاتهم صراعه مع أحد الرموز المسيحية بمصر ، وليثبت لهم أن هويته تدور في فلك هويتهم ، وسبحان الرب العظيم القائل : " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم  " .

2. المجد للمجهولين .

3. أربعون رئيس دولة في تظاهرة يقولون أنها مليونية وذلك أن القتلى الستة أو العشرة مسيحيون ، والقاتل مسلم ، أما إن كان القتيل ( يا دوب ) بضعة ملايين من المسلمين في البوسنة والهرسك والشيشان وأفغانستان والعراق والصومال وبورما وكشمير وتايلاند وغزة وفلسطين وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى ورابعة وغيرهم من الأماكن والبلدان ... إن كان القتيل ( يا دوب ، وبالعافية ) هم هؤلاء البضعة ملايين فلا تحريك لساكن ، ولا تصريح ولا بيان ولا حتى رمشة عين لهؤلاء الأربعين رئيس دولة ، ولا تغطية إعلامية ولا حتى في صورة شريط أخبار يمر على شاشة التلفاز .... هل تعرفون لماذا ؟ لأنها حرب صليبية صهيونية عالمية على الإسلام ، فليس الانقلاب الصليبي الصهيوني على يد الهاشتاج السيسي بمصر على الشرعية إلا حرباً على الإسلام وليس إلا حلقة في ترس كامل مستدير تدور قاعدته ورحاه على الإسلام والمسلمين .. فيا رب انصرنا على عدوك وعدونا .. اللهم آمين . اللهم آمين . اللهم آمين

----------------------