بقلم علي السيار
داعية إسلامي 
 
قوة تأثير القرآن الكريم على الروح والقلب والعمر والشكل قوة عجيبة وفريدة ومثيرة وقوية ،  لا يدرك كنه هذه القوة إلا من عاش مع القرآن الكريم وأتصل بفيوضاته  وابحر في معانيه الرائعة وعانقت روحه جماله الأخاذ –
 قال هذا الكلام صديقي صاحب مقال " أصبحت أعشق ساعات الانتظار " .
قلت له مالي أراك لا تحمل مصحفك الجيب ؟!
هل تكاسل أم أنك تراجع ما تحفظ ؟
قال : لا ... بل أصبحت أعشق الجلوس له .
قلت له ما معنى ذلك ؟
قال : القصة تبدأ منذ أكثر من عام. عندما تغيرت ظروف حياتي خططت أن اقرأ كل يوم عشر صفحات بتركيز زادت إلى عشرين ثم زادت حتى وصلت مع شهر رمضان 2013 إلى مئة صفحة في اليوم .
 وسبحان الله أعانني الله بعد رمضان أن أستمر في شوال وباقي الشهور حتى رمضان الفائت وإلى الآن . وعند الخاتمة  ما إن أجمع أهلي أو أصحابي وندعو سويا حتى تشتاق نفسي إلى خاتمة جديدة .
قلت له : عجيب !  روح جديدة ، وشكل جديد ، وعمر جديد للقرآن ...!
قال : ولي أيضا ..... ثم استطرد 
إن للقرآن روح وله شخصية وجمال وبهاء . أعيش مع هذه الروح بل استحضر من عايشها معي من الرسول الأعظم  r الذي تلقى هذه الروح والصحب الكرام والعلماء والشيوخ ....... يـــا الـــــلــــــــــه ........ كم هو فسيح وطويل هذا الكون مع القرآن . فتسمو روحي وتشف وترتقي مع التعامل معه وتعلو إلى آفاق رحبة وتتصاغر الدنيا بأسرها حتى لا يكون لها مجال ......  ساعتها أتمنى ان تسبق روحي إلى باريها إلى عالمها الجديد .
كانت الدموع تتحدر على خد صديقي كحبات اللؤلؤ وكنت أرى روحه قوية مثيرة
قال : نعم . وشكل جديد
قال مع أنني لا أقرأ في مصحف واحد . فأنا أضع في كل ركن بالبيت مصحفا بجوار سريري في غرفة المعيشة .... حتى أتعامل معه وقتما أحب .
 وفي كل مرة أكتشف شيئا جديدا في الآيات وترتيبها : طولها وقصرها... ترابطها وجمالها...و جمال حروفه ورسمه و شكل صفحاته ... كل شيء جميل محبب حتى إنني أضمه وأمرر يدي عليه كمن يمرر يده على طفله الصغير .
أما بالنسبة لشكلي ... نعم ... شكلي أيضا يتغير..فوجهي بستريح و أعضاؤه ترتخي وتنبسط  ..أحس كأنني أجلس تحت نخلتنا  فوق الكثبان الرملية الصفراء  خلف بيتي في قريتنا الصغيرة الواقعة في حضن البحر كنت صغيرا والصفاء يملأ حياتي وحفيف الشجر مع روعة النسيم يداعب وجهي ليعلن عن بدايات ناعمة مشرقة مع كتاب الله المصور المفتوح.. مع طبيعة من صنع ربي القدير الكريم .
دعك من أهلي قد يقولون وجهك اليوم أحسن من أمس..
 يكفيك أن تنظر إلى وجوه شيوخنا الكرام الطاعنين في السن فنراها مشرقة حتى وإن كانت تقاسيم وجوههم غير جميلة لكن انظر إلى الوقار والبهاء بسبب القرآن ثم انظر الي غيرهم من أهل الغفلة والفجور رغم عمليات التجميل والترقيع عند كبر سنهم تجد وجوههم تعلوها الكآبة والغبرة الحالكة .
بين حين وآخر تنزل دمعة أتابعها وهي تبرق عل وجهه المشرق الوضيء .
قال : وعمر جديد 
 كانت المسافة الزمنية التي أختم فيها سابقا طويلة مجهدة...سبحان الله  كل مرة تقصر وتخف ولا أحس بالزمن ولكن العمر يزداد بركة ويزداد اتساعا حقيقة لا مجازا . وتكتشف أن يومك الذي تقسمه على عدد الصفحات يتهادى ويتمايل ويتباطأ وتجد بداخله تفاصيل كثيرة لم تكن موجودة فأنا قبل الفطور والعمل لي جلسة مع القرآن فأعيش الفطور كأجمل ما يكون وتمضي ساعات العمل رغم صعوبته ومشاكله كأخف ما يكون ولي جلسة في الظهيرة جولة رائعة تجدد النشاط كما تجدد كثرة سنن الظهر النشاط ولي جلسة بعد المغرب مع أصدقائي حتى لو كانت جلسة ثقافية فلابد لكل فرد أن يقرأ صفحة من كتاب ربنا الكريم ثم قبيل النوم جولة جديدة وعمر جديد ثم إن تيسر في ركعات السحر جولة رائعة تشق عباب السكون ...
 يا الله ... أشواط قد تحسبها متلاحقة لكونها في زحم اليوم جميلة مريحة متباعدة مترعة فتحس أن يومك كان روعة وجمالا وبهاء فتنام برضاء وسلام مطمئن وكلك شوق ليوم جديد..ووصال جديد ولحياة جديدة ولشكل جديد فتتولد داخلك عزمة قوية جبارة على مواصلة الطريق ومواصلة الترقي .