بقلم - أحمد القاعود 
 
س : مصر مضلمة 
ص : الاخوان اللي خربوا أبراج الكهربا 
س : لأ مش كده 
ص : مش أحسن منبقي زي سوريا و العراق 
س : هو ده .
بدأ الخطاب الاعلامي و السياسي يتحول تدريجيا بعد فشله في تسويق مفهوم الارهاب و أن الثوار يقومون بتخريب المنشئات العامة و الخاصة ، و علي رأسها أبراج ومحولات الكهرباء حتي يزداد الناس ضجرا و سخطا علي الحكم ، إلي مفهوم الرضاء بالواقع لأننا أفضل من سوريا و العراق.
 
خلال أكثر من عام و قبله بفترة بدأ خصيان السلطان و غلمان السلطة في الترويج لمفاهيم نازية فاشية تقول أن الحكم الموجود الذي كان علي رأسه الرئيس محمد مرسي سيقود البلد إلي حرب أهلية و إلي فتنة و يدمر الدولة و يسلخ الشعب عن هويته ، التي لم يعرف حتي الآن ماهي هذه الهوية ولا ما هي القيم التي يستند عليها هذا الشعب .
 
صدر تجار القيم و الثورة و الانسانية أفكار منحطة و بعيدة عن المنطق و الواقع للعامة في الشارع ، علي رأسها إهانة القيادات العسكرية و السلطة القضائية ، و الرموز الدينية و الوطنية ، و الحفاظ علي السلام الاجتماعي و عدم التحول لأفغانستان جديدة و الوقوع في براثن الارهاب .
 
بعد أكثر من عام من وصول السيسي للحكم كقائد للانقلاب بزي عسكري أو بزي مدني ، غرقت مصر في براثن الفوضي و الفساد و الانحطاط الانساني ،  كان أكثر هذا التردي و التدني هو قبول و تبرير جرائم قتل و ابادة المسلمين وحرق مساجدهم و تعذيبهم في السجون ومصادرة ممتلكاتهم .
 
 كل من دافعوا سابقا عن وقوع مصر تحت حكم فاشي خرست ألسنتهم و صمت أذانهم ، إما كراهية للضحايا و معظمهم من المسلمين الملتزمين ، أو خوفا من بطش النظام الدموي الذي صنعوه.
 
بعضهم هؤلاء تحرك علي استحياء من خلال المجلس القومي لحقوق الانسان الذي بات مجلسا وحشيا يستخدم لقمع و اهانة  الانسان و كرامته تماما كالذين في السلطة ، للسماح بنقل عدد من صبيان الانقلاب و صانعيه بدخول مستشفي خارج السجن بعد أن أعلنوا اضرابهم منذ أيام . هذا المجلسي الوحشي نسي أن هناك نحو 40 ألف معتقل يعانون الهوان و التعذيب و يتعرضون لأبشع أنواع التنكيل بما فيه الاغتصاب دون أن يحرك ذلك لهم جفن ،أو يهز لديهم شعرة من رحمة إذا كانوا يعرفون معناها.
 
خلال عام و شهرين تحولت مصر لمكان أشبه بالجحيم و أسوأ من سوريا و العراق بوجود عصابة فاجرة تحكم و تتحكم في مصيره ، تقتل و تعذب و تصادر الحريات و تكمم الأفواه و تقضي بالظلم علي أبناء شعبها.
 
خلال عام باتت مصر غابة متوحشة يطغي فيه حثالاتها و يتحكمون في مصائر أصحاب القيم و الضمائر . ابتعدت خلال هذه الأشهر مصر عن الانسانية و غابت عنها الرحمة .
 
سوريا و العراق لم تظلم كما أظلمت مصر و غابت عنها الكهرباء نتيجة الفساد و التردي و الانحطاط الانساني ، أنت كمواطن عليك أن تقبل بهذا الوضع لأن مصر أحسن من سوريا و العراق .
 
عليك أيضا قبول قتل المتظاهرين و الثوار و تعذيب و اعتقال البنات و اغتصابهن لأننا أحسن من سوريا و العراق .
 
و بما أننا في وضع أحسن من سوريا و العراق عليك قبول تزوير  الانتخابات و الاستماع لاعلام دموي ارهابي يحرض العامة بعضهم علي بعض و يخضعهم لبطش الحاكم وفجوره ، بالاضافة إلي القبول بتكميم الأفواه و تغييب الأراء و قتل أصحابها و سجنهم بدون محاكمات .
و في هذه النعم التي هبطت مع الانقلاب علي مصر عليك القبول بارتفاع الأسعار و غياب الرقابة و الشفافية و قبول الفساد و تضخمه و أن تصبح مصر الدولة الخامسة عالميا في مستوي البؤس ، لأنك الآن أحسن من سوريا و العراق .
 
اقبل أيضا تعيين ابنة شقيق قائد الانقلاب براتب 14 جنيه شهريا في النيابة الادارية بينما أنت نفسك كنت ترفض تعيين ابن محمد مرسي في وظيفة عادية ب 900 جنيه شهريا ، حتي لا نكون مثل سوريا و العراق .
 
اقبل كذلك بالافراج عن أحمد عز و الحكم له بعدم دفع الغرامة و اعادة الأراضي المنهوبة بالمليارات لمن استولوا عليها و ترك أصحاب الأعمال يستولون علي دعم الطاقة و يرفعون عليك الأسعار ، المهم أنك لست في سوريا و العراق .
 
اقبل أن يقتل ابنك المجند علي يد ضابط في معسكر للأمن المركزي ، أو معذبا بالكهرباء ، أو مقتولا لأنك رفضت تزويج ابنة اختك لهذا الضابط ، أو تموت أنت و أسرتك من التدافع أثناء زيارة قريب لكم في معهد عسكري ، لكنك لست في سوريا و العراق وهذه نعمة كبيرة .
تبريرات السلطة الارهابية و خصيانها باتت في منتهي الفجاجة و القبح ، رغم أن كثير من الناس بدأ الاستفاقة من هذه البذاءات التي يتفوه بها النظام و اعلامه ، و بات كثيرون يعرفون أن المشكلة الرئيسية تكمن في نظام ارهابي عسكري دموي تغلغل في الدولة منذ 62 عاما أصابها بالعطن وو العفن و جعل كل مؤسساتها واجبة الهدم لاعادة البناء .