شعبان عبدالرحمن (*)

 يلح الانقلابيون وأنصارهم على استحضار "عبدالناصر" في المشهد الانقلابي، ويلحون على تصوير قائد الانقلاب على أنه "عبدالناصر" الجديد، ويصفقون لمجازره وسجونه وعصفه بالحريات.. يصفقون لذلك كثيراً، ويتوقفون أمامه ملياً، ويعقدون مقارنة مطولة بين "ناصر" و"السيسي" مستبشرين بـ"ناصر" جديد.
بل إن سيناريو التفجيرات الذي تم في عهد "عبدالناصر" واعترف رفاقه ومنهم خالد محيي الدين بأنه كان من تخطيط وتنفيذ "عبدالناصر"؛ لتخويف الشعب من الإخوان، ولإيجاد مبرر للتنكيل بهم - هكذا قال خالد في مذكراته وهو رجل شيوعي – أقول: إن هذا السيناريو يتم تنفيذه اليوم، وتفجيرات جامعة القاهرة هي أحدث نسخة من هذه التفجيرات، وهي نسخة طبق الأصل من سيناريو "عبدالناصر".. نفس العقلية التي تخطط وتنفذ وتقدم المشورة هي هي لم تتغير.. فقط الذي تغير الزمان والمكان، والتغير الأهم هو أن "عبدالناصر" كان يحتكر الإعلام، و"السيسي" يحتكر معظم الإعلام، ولكن بقية الإعلام يفضح كل شيء أولاً بأول.
حتى مخطط "عبدالناصر" لاجتثاث الإخوان الذي تم تنفيذه في خمسينيات القرن الماضي هو هو يطبق اليوم بحذافيره، وهو المخطط الذي كشف نصوصه الشيخ الجليل محمد الغزالي يرحمه الله في كتابه "قذائف الحق"، ولم يسمح بطباعته إلا طبعة واحدة في ثمانينيات القرن الماضي.. هذا المخطط الجهنمي هو الذي يتم تطبيقه اليوم مع الإخوان وغيرهم من معارضي الانقلاب، وسيتم تطبيقه بصورة أوسع للقضاء على الإسلام تماماً في مصر إن طاب لهم الجو، ولكن الله لا يصلح عمل المفسدين.
http://mugtama.com/index.php/hot-reports/2014-02-01-12-28-05/item/1327-الشيخ-محمد-الغزالي-يكشف-خطة-الانقلاب-العسكري-للقضاء-على-الإخوان
لقد أخرج الانقلابيون وفي القلب منهم الناصريون والنخبة العلمانية التي كشفت كذبها بنفسها؛ أخرجوا "عبدالناصر" من قبره وجعلوه يتسيد المشهد، وهم يهللون للقائد الانقلابي الجديد لتكرار تجربة "عبدالناصر".. في قتل الناس وسجنهم وتعذيبهم وتخريب بيوتهم ونشر الخوف والرعب في ربوع مصر، وتركيب "ودان" واسعة " للحيط" حتى يسير الناس داخل "الحيط" من الرعب.. أخرجوا "عبدالناصر" من قبره في أسوأ وأبشع أعماله؛ وهي قتل الإنسان وسحق الإنسانية وتأسيس جمهورية الخوف والرعب.. أخرجوه لنا ليتسيد المشهد وهو غارق في دماء المصريين ويداه تقطر دماً؛ قتلاً وسحقاً للبشر.. هكذا يفعل اليوم عميان القلوب، وكأن الله أوقعهم في شر أعمالهم؛ فهرولوا يذكِّرون الأجيال الجديدة بأنفسهم بما فعله سيدهم وقائدهم.. استحضروه في مشهد الدم، ولم يمنُّوا عليه بمشهد واحد من عنترياته الكاذبة ضد الإمبريالية والصهيونية ورمي "إسرائيل" في البحر، وغيرها من شعاراته التي كانت تدغدغ مشاعر الجماهير من المحيط إلى الخليج، لم يستطع تلامذة "عبدالناصر" فعل ذلك؛ لأن العهد الجديد صناعة إمبريالية بامتياز، ويعيش تحالفاً إستراتيجياً مع الصهيونية.. ألم تسمع لتصريحات قائد الأركان الأمريكي وهو يعلن صراحة أن هناك تحالفاً أمريكياً "إسرائيلياً" مع الانقلاب في مصر؟
لقد مات "عبدالناصر" وهو الآن بين يدي ربه، لكن الزبانية الأشرار نبشوا قبره وأخرجوه مرة ثانية.. أخرجوه ليكرر ارتكاب الجريمة في صورة جنرال آخر، بينما مخابيل الناصرية ومن بينهم أبناء لـ"عبدالناصر"، يهللون وينبحون حناجرهم وكأنهم سكارى؛ تهليلاً للذي أغرقنا في الهزيمة وشبع موتاً، و للزعيم القادم يحمل لنا الهزائم والخراب والتخلف.. لقد فقد القوم عقولهم، فخمر السياسة الفاسد يصنع الأعاجيب !

-----------------------------------

 (*) كاتب مصري- مدير تحرير مجلة المجتمع الكويتية

[email protected]    

https://www.facebook.com/shaban.abdelrahman.1?fref=ts

twitter: @shabanpress