هشام منصور
في ثلاث أيام متتالية حدثت في مصر أحداث كبيرة قد تكون منعزلة أو مرتبطة بحسب قراءة المتابع لها، أول هذه الأحداث كانت جمعة التفويض الثاني يوم 6 فبراير 2015، والتي طلبها السيسي من الشعب المصري حتى يجدد التفويض الأول الذي حصل عليه في يوليو 2013 ووفقاً له قام بمذابح رابعة والنهضة وما تبعها من قتل منظم لكل صاحب رأي، إلا أن التفويض الثاني والذي جاء عقب فشل الجيش المصري في صد هجوم ما يسمى بإمارة سيناء وما نجم عنه من قتل عشرات الجنود وإصابة ضعف من قتل، وكانت الاستجابة لهذا التفويض الجديد كارثيةً حيث لم يستجب له إلا عدة أشخاص تعد بالعشرات في أحسن التقديرات رغم الحشد الإعلامي الكبير.
هذا الضعف في جمعة التفويض أو ما سماه البعض (جمعة التنفيض) يثير تساؤلات حول مدى تخلي الكنيسة ورجال الأعمال عن قائد الانقلاب؟، وهل يفشل العسكر في جمع آلاف أم أنه صدق ما يحاول ترويجه بوجود شعبية حقيقية للعسكر؟، لقد كان الحادث مؤلماً لقائد الانقلاب، وقبل أن يأخذ الحدث حقه في التحليل والوقوف على أسبابه فاجئتنا إحدى القنوات بتسريب قد يكون الأقوى من نوعه، يتحدث فيه السيسي عن دول الخليج بشئ من الاحتقار وأنهم أنصاف دول (عندهم الفلوس زي الرز) وعلينا أن نأخذ حقنا من هذه الأموال، ولم يكتفوا بذلك بل قسموا الغنيمة بالحصول على المليارات للجيش والقادة مع وضع (قرشين) في خزينة الدولة، وعلى الرغم من تكذيب وسائل الإعلام المحسوبة على الانقلاب لتلك التسريبات فقد قام قائد الانقلاب بالاتصال بقادة (أنصاف) الدول على حد زعمه ليتدرك تأثير تلك التسريبات على العلاقات، وكما هو مقرر فالعلاقات بين الدول تقوم على المصالح المشتركة فمن المستبعد أن تؤدي تلك التسريبات إلى قطع علاقات أو توترها ولكنها من المؤكد أنها ستؤثر بصورة أو بأخرى في المنح والاستثمارات المستقبلية.
ولقد صاحب التسريب هاشتاج احتل المرتبة الأولى في وسائل التواصل الإجتماعي بعد ساعة من اطلاقه يصف نظرة السيسي للخليج، ولم يوقف هذا الهاشتاج إلا الحدث الثالث المؤلم والمؤسف لجماهير فريق الزمالك والذي راح ضحيته بضع عشرات من الشباب نتيجة قنابل ورصاصات الشرطة التي دائماً ما تظهر على الشاشات وتختفي من التقارير الرسمية للطب الشرعي الذي كاد أن يكتب أنهم قتلوا أنفسهم وأنهم تسببوا في ضرر نفسي للشرطة البريئة نتيجة استفزازهم بشعارات ضد الدولة، بالضبط كما قال بيان الداخلية في تبرير اطلاق أمين شرطة عدة رصاصات على شخص مقيد وجريح بالمستشفى، فكان من الطبيعي وفقاً لنظرية مفيش ضابط هيتحاكم على قتل متظاهر أو مواطن أن يوجه النائب العام التهمة لقادة (أولتراس) الزمالك والذين نجوا من الموت.
هذه الحوادث الثلاثة تظهر نموذج لفشل الدولة إن كان هناك دولة، فالحدث الأول يبين نظام سياسي بلا ظهير شعبي، والثاني يظهر ضياع واختراق الأمن القومي فضلاً عن منهج إدارة العصابات والمافيا لا الدول، والثالث يؤكد أن دماء المصريين أصبحت بلا ثمن وانعدم العدل واحترام الحق في الحياة، فأي دولة تعيش بلا شعب ولا أمن ولا عدل فمن المؤكد أنها تفتقد لمسمى دولة، فإذا كان قائد الانقلاب ينظر إلى دول الخليج بأنها أنصاف دول فقد أدخل مصر في منظومة ال(لا دولة).