في تطور خطير يكشف عن استمرار ملاحقة المعارضين المصريين في الخارج عبر القارات، أسدلت أسرة المعارض المصري علي ونيس الستار على غموض اختفائه الذي دام لأسابيع، لتعلن عن الحقيقة الصادمة: "علي في قبضة الأمن المصري".

 

القضية التي بدأت فصولها بالترحيل من تركيا وانتهت في نيجيريا، وصلت إلى محطتها الأخيرة والمفزعة في القاهرة، حيث يواجه ونيس مصيراً مجهولاً خلف الجدران الصماء لمقار الاحتجاز، وسط صمت رسمي مطبق ومخاوف حقوقية من تعرضه لانتهاكات جسيمة.

 

الإعلان عن تسليم ونيس لم يكن مجرد خبر عابر، بل جاء ليؤكد المخاوف التي حذرت منها منظمات حقوقية دولية ومحلية بشأن خطورة "الإعادة القسرية" للمعارضين السياسيين إلى بلدانهم التي قد يتعرضون فيها للتعذيب، ضاربين عرض الحائط بالمواثيق الدولية التي تجرم تسليم الأشخاص إلى مناطق الخطر.

 

شهادة الزوجة: 4 أشهر من الإخفاء والتحقيقات السرية

 

بعد فترة من الترقب والقلق، خرجت زوجة علي ونيس عن صمتها لتكشف التفاصيل المؤلمة. عبر حسابها الشخصي، أكدت الزوجة أن زوجها تم ترحيله فعلياً من نيجيريا وتسليمه للسلطات المصرية مطلع سبتمبر الماضي. وأوضحت أن ما يحدث معه ليس مجرد احتجاز قانوني، بل جريمة "إخفاء قسري" مكتملة الأركان، حيث لا تملك الأسرة أي معلومة رسمية عن مكان احتجازه أو وضعه القانوني منذ أكثر من أربعة أشهر.

 

وفي منشور لها، قالت الزوجة إنها حصلت على "شهادات مؤكدة" من أشخاص – لم تسمهم – تفيد بوجود زوجها داخل أحد مقرات جهاز الأمن الوطني، وأنه يخضع لتحقيقات مكثفة. هذه الشهادات زادت من رعب الأسرة، خاصة مع تأكيدها منعه من التواصل معهم أو توكيل محامٍ للدفاع عنه، مما يجعله معزولاً تماماً عن العالم الخارجي وفي وضع قانوني وإنساني هش.

 

رابط منشور الزوجة:
https://www.facebook.com/zainab.bashandy/posts/2106979269838957?ref=embed_post

 

من تركيا إلى نيجيريا.. فخ الترحيل المركب

 

قضية علي ونيس تسلط الضوء على ظاهرة "الترحيل المركب" أو غير المباشر. فالمسار الذي سلكه المعارض المصري لم يكن مباشراً إلى القاهرة، بل بدأ بترحيله من تركيا – التي كانت ملاذاً لعدد كبير من المعارضين – إلى نيجيريا. وهناك، ورغم المناشدات الحقوقية، لم يجد ونيس الحماية المنشودة.

 

ويشير مراقبون إلى أن تسليمه من دولة إفريقية (نيجيريا) يعكس تنسيقاً أمنياً عابراً للحدود، ويتجاوز الحماية التي قد توفرها بعض القوانين الأوروبية أو الاتفاقيات الدولية. هذا النمط من الترحيل يثير قلقاً واسعاً في أوساط المصريين بالخارج، حيث لم تعد الجغرافيا عائقاً أمام الملاحقة الأمنية، ولم تعد الدول التي كانت تعتبر "آمنة" أو "محايدة" قادرة على الصمود أمام طلبات التسليم، سواء كان ذلك بضغط سياسي أو ضمن صفقات أمنية غير معلنة.

 

تحذيرات حقوقية ومصير مجهول تحت "المقصلة"

 

قبل وقوع الكارثة، كانت أصوات المنظمات الحقوقية قد تعالت محذرة السلطات النيجيرية من مغبة تسليم ونيس. استندت هذه التحذيرات إلى مبدأ "عدم الإعادة القسرية" (Non-Refoulement) الراسخ في القانون الدولي، والذي يحظر تسليم أي شخص لدولة يوجد فيها خطر حقيقي بتعرضه للتعذيب أو الاضطهاد.

 

وأكدت المنظمات أن ونيس مطلوب على ذمة قضايا ذات طابع سياسي، مما يجعله هدفاً محتملاً للانتقام والتنكيل، وليس مجرد متهم جنائي يواجه محاكمة عادلة. اليوم، ومع تحقق أسوأ المخاوف، تجدد الأسرة والمؤسسات الحقوقية مطالبها بالكشف الفوري عن مكان احتجاز علي ونيس، وتمكينه من حقوقه الدستورية الأساسية: الاتصال بذويه، توكيل محامٍ، والعرض على جهات التحقيق الرسمية (النيابة العامة) في العلن وليس في الغرف المغلقة، لضمان سلامته الجسدية والنفسية، ووضع حد لمأساة الإخفاء القسري التي تعيشها أسرته يومياً.