أصبحت منصات التواصل الاجتماعي، جزءًا أصيلاً من اهتمامتنا اليومية، حيث نقضي الساعات ملتصقين بالشاشات، حتى أصبح نشاطنا في العالم الافتراضي أكبر بكثير من الحياة الواقعية، وبتنا أقل تواصلاً مع الآخرين.
من هنا، لا يمكن بأي حال إنكار التأثير الهائل لمنصات "السوشيال ميديا" في حياتنا، وقد أصبح الشغل الشاغل لكثير من روادها هو البحث عن الانتشار من أجل الشهرة وتحقيق مكاسب مادية في الأساس.
ما هو الترند؟
"الترند" هو ذلك الموضوع أو الحدث الذي يحظى باهتمام الناس خلال فترة زمنية معينة، حيث يتسابق صناع المحتوى في محاولة للفت الانتباه بشتى الطرق والوسائل، حتى لو أدى ذلك إلى صب اللعنات عليهم، بسبب غرابة ما ينشرونه على منصاتهم.
ويعمد هؤلاء الباحثون عن "ركوب الترند" إلى محاولة خلق حالة من الجدل، أو التظاهر بالجرأة الزائدة فيما يطرحونه من قضايا، أو من خلال اختلاق قصص وحكايات لا أساس لها في الواقع، أو التركيز على مخاطبة الغريزة.
لا يتوقف محاولاتهم اليومية عن محاولة ركوب الترند، حتى لو كان من خلال إثارة فضائح غير أخلاقية يكونون طرفًا فيها، سعيًا منهم إلى حصد المكاسب من وراء الانتشار على منصات التواصل الاجتماعي.
وقد يندفع البعض إلى المخاطرة بحياته من أجل تحقيق هذا الهدف، أو من خلال تعمد نشر الشائعات والأخبار الكاذبة والتركيز على المحتوى التافه بدلاً من القضايا الهادفة، فلا رادع أخلاقي أو قيمي يحول بينهم وبين ما يسعون لتحقيقه.
وأكثر ما يعنون بذلك هم الشباب والفتيات في سن المراهقة الذين لم تتشكل هويتهم بالكامل بعد، وهؤلاء غالبًا ما يتأثرون بالترندات دون وعي تام بمحتواها، بينما يقل هذا التأثير بين البالغين الناضجين الذين لديهم هوية أكثر ثباتًا، تجعلهم أكثر قدرة على التمييز والانتقاء.
الدوبامين
عندما يحقد الترند الاتجاه إعجابات أو مشاركات أو تعليقات مشجعة، فإن آلية مكافأة الدوبامين في الدماغ تعزز السلوك. وقد ثبت أن وسائل التواصل الاجتماعي تنشط مراكز المكافأة نفسها التي تنشطها المخدرات أو الطعام.
لذا، فإن السعي إلى ركوب الترند يرتبط في الأساسب بمحاولة اكتساب المزيد من التقدير والإعجاب. وفي بعض المواقف، يمكن أن يصبح ذلك سلوكًا قهريًا، وبشكل خاص في البيئات التي يتنافس فيها الأفراد على كسب الاهتمام.
مشاكل نفسية
لكن الخبراء يحذرو من أن الانشغال المستمر بالترندات قد يؤدي إلى مشاكل نفسية، حيث قد يشعر الأفراد بالنقص عند مقارنة أنفسهم بالآخرين، ما يخلق حالة من عدم الرضا والاحتقار للذات.
ويقولون إن هذه المقارنات السلبية تجعل البعض يعيش في وهم أن حياة الآخرين تعكس الواقع، ما يؤدي إلى دوامة نفسية تؤثر سلبًا على صحة الأفراد النفسية.
الخطير في الأمر كما يقول المعنيون بثقافة الترند، أنها لم تعد مجرد ترفيه وتسلية، بل أصبحت أداة سيطرة وسلطة ناعمة تفرض رقابتها على المجتمع وتحدد السلوك اليومي للأفراد، فيستهلكون منتجات لا يحتاجونها، ويقيسون نجاحاتهم بعدد الإعجابات في عالم افتراضي يقوم على تسليع الأوهام وبيعها. .
التخلص من إدمان الترندات
يتفق الخبراء على التخلص من هوس الترند يتطلب تغييرات واعية في عادات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ويشمل ذلك:
حدِّد وقت استخدام الشاشة أو خصص فترات محددة لتصفح وسائل التواصل الاجتماعي.
تابع الحسابات التي تُلهمك وتتوافق مع قيمك. توقف عن متابعة الحسابات التي تُسبب لك التوتر أو تُثير المقارنات.
انشر محتوى يعكس اهتماماتك الحقيقية بدلاً من ملاحقة الترندات.
أعد اكتشاف هواياتك، ورعاية علاقاتك الشخصية، وقضاء بعض الوقت في الطبيعة لاستعادة التوازن.
فكر في دوافعك للنشر وفيما إذا كان ذلك للتعبير عن الذات من عدمه.

