كان بإمكان حزب النور السلفي أن يتمدد شعبيًا، وأن يملأ الفراغ الذي تركه "الإخوان المسلمون" على الساحة طيلة السنوات الماضية، لكنه لم ينجح قط، بل خسر كثيرًا من شعبيته التي أهلته لأن يكون ثاني صاحب أعلى المقاعد في أول برلمان منتخب بعد ثورة 25 يناير. 

 

لا خلاف في أن التيار السلفي كان يملك شعبية كبيرة، والتي نجح في تحقيقها بخاصة خلال السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، مستغلاً حالة التضييق آنذاك على "الإخوان" في الانتشار بين الناس، مع بروز الدعاة السلفيين على الفضائيات، ووصولهم إلى كل بيت في مصر.

 

إلا أنه من الخطأ وضع السلفيين جميعًا في سلة واحدة، فهناك سلفية "أنصار السنة" في القاهرة، و"الدعوة السلفية" في الإسكندرية التي تمخض عنها حزب "النور" السلفي، وغيرهما الكثير ممن ينتمي إلى التيار السلفي.

 

انخراط السلفيين في السياسة

 

كان انخراط السلفيين في السياسة من أبرز ثمرات 25 يناير، لما كان يعرف عنهم في السابق من ابتعادهم بالكلية عن الحياة السياسة وصراعاتها في مصر، وهو ما جعلهم يحظون بثقة الدولة التي أرادت ضرب شعبية "الإخوان" بالسماح للسلفيين بالتمدد على الأرض وداخل المساجد وفي الفضائيات وعلى شبكة الإنترنت.
 

وهذا ما جعل لهم حضورًا شعبيًا كبيرًا، هذا الحضور انعكس في تصويت ملايين المصريين لحزب "النور"، الذي نجح في الحصول على 96 مقعدًا ليحل بذلك في المرتبة الثانية بعد حزب "الحرية والعدالة" الذي حصل على 127 مقعدًا في انتخابات البرلمان 2012، وحصل في انتخابات مجلس الشورى في العام نفسه على 45 مقعدًا، ليحتل المركز الثاني بعد حزب "الحرية والعدالة".

 

إلا أنه في انتخابات عام 2015 فقد الحزب 80 بالمائة من حصته البرلمانية، حيث تراجعت أعداد المقاعد التي حصل عليها في الانتخابات السابقة إلى 12 مقعدًا، تقلصت إلى 7 مقاعد في مجلس النواب خلال الانتخابات التي جرت عام 2020. 

 

وفي انتخابات مجلس الشيوخ 2020، لم يحصل حصل على أي من المقاعد على الرغم من أنه دفع بـ 16 مرشحًا في 9 محافظات هي الإسكندرية، والبحيرة، ومرسي مطروح، وكفر الشيخ، ودمياط، والفيوم، وبني سويف، وقنا وجنوب سيناء.

 

وخلال انتخابات مجلس الشيوخ، التي جرت في أغسطس الماضي، أخفق جميع مرشحي الحزب الثمانية على المقاعد الفردية في مختلف المحافظات في حجز أي مقعد داخل الغرفة الثانية للبرلمان.


انهيار شعبية حزب النور

 

ويعزو محللون هذا التراجع إلى مواقف الحزب على مدار السنوات الماضية التي أفقدته الكثير من شعبيته وأرضيته، وذلك منذ أن أيد ودعم انقلاب الثالث من يوليو على الرئيس المنتخب محمد مرسي، بعد أن عبر الغالبية العظمى من السلفيين عن رفضهم للانقلاب على الرئيس الشرعي.
 

وانعكس ذلك بالتبعية على شعبية الحزب وقلة داعميه في الاستحقاقات الانتخابية المختلفة التي جرت منذ عام 2015، على الرغم من دفع بعدد من المرشحين ذوي الشعبية في دوائرهم الانتخابية، إلا أن تراجع ثقة الناخبين فيهم جعلتهم إما يعزفون عن التصويت لهم، ويعطون أصواتهم لمرشحين آخرين. 

 

وتحت قبة مجلس النواب، كان حضور نواب حزب "النور" باهتًأ إلى حد كبير، فلم يسجلوا مواقف لافتة تحسب لهم، واكتفوا بالتواجد الشرفي، وعدم إثارة إزعاج السلطة، خوفًا من إزاحتهم عن المشهد تمامًا. 

 

12 مرشحًا لحزب النور

 

ويخوض حزب النور انتخابات مجلس النواب الحالية بـ 12 مرشحًا على المقاعد الفردية، آملاً أن يعوض فشله الذريع في انتخابات الغرفة الثانية للبرلمان، وقد نجح في الفوز في المرحلة الأولى بـ 3 مقاعد والإعادة علي مقعدين.

 

وأظهرت النتائج فوز النائب أحمد خليل خير الله، مرشح الحزب بدائرة العامرية وبرج العرب والدخيلة بمحافظة الإسكندرية، والنائب عبد الحكيم مسعود، مرشح الحزب بدائرة الواسطى وناصر بمحافظة بني سويف، والدكتور محمود رشاد، مرشح الحزب بدائرة أبو حمص وإدكو بمحافظة البحيرة.

 

كما دخل الدكتور حمادة سليمان، مرشح الحزب بدائرة طامية وسنورس وسنهور بمحافظة الفيوم، وأحمد سعيد أبو عمر، مرشح الحزب بدائرة إيتاي البارود وشبراخيت بمحافظة البحيرة، جولة الإعادة.

 

وقال النائب محمود تركي، المتحدث الرسمي باسم الحملة الانتخابية لحزب النور في انتخابات مجلس النواب 2025، في بيان له، إن حزب النور سيخوض الانتخابات في عدد من الدوائر، ويدفع بعدد من الوجوه الجديدة ضمن مرشحيه بجانب أصحاب الخبرة، بما يعكس رؤية الحزب لتجديد دماء العمل البرلماني وتقديم كوادر قادرة على القيام بدورها التشريعي والرقابي وخدمة المواطنين والتعبير عن تطلعاتهم.

 

ويبلغ عدد أعضاء مجلس النواب المنتخبين 568 عضوًا. ويعتمد قانون الانتخابات الحالي نظاماً انتخابياً مختلطاً، بواقع انتخاب نصف المقاعد فرديًا، في حين أن النصف الآخر يُنتخب بنظام "القوائم المغلقة المطلقة"، ما يعني فوز أعضاء القائمة كلهم في حال نَيلها أعلى الأصوات.