شهدت ألمانيا صباح اليوم السبت احتجاجاً واسعاً من قبل عشرات النشطاء في مجال السلام وحقوق الإنسان، الذين أقدموا على إغلاق خط السكك الحديدية المؤدي إلى ميناء هامبورغ ، في ألمانيا حيث جاء هذا التحرك في إطار حملة تصعيدية ضد مواصلة برلين تصدير الأسلحة والذخائر إلى إسرائيل رغم استمرار الحرب الدامية في غزة، وما يرافقها من اتهامات دولية بالاستخدام المفرط للقوة ضد المدنيين

 

بحسب ما أفادت به وسائل إعلام ألمانية محلية مثل قناة NDR وصحيفة دير تاغسشبيغل، فقد تجمع المتظاهرون في ساعات الصباح الباكر على طول السكة الحديدية التي تُستخدم عادة لنقل المعدات والبضائع إلى الميناء، وقاموا بإغلاقها عبر سلاسل بشرية ووضع لافتات كبيرة كتب عليها عبارات مناهضة للحرب ولتجارة السلاح. وردد المشاركون شعارات تطالب الحكومة الفيدرالية بوقف جميع صادرات الأسلحة إلى إسرائيل فوراً، وحثّها على اتخاذ موقف أكثر التزاماً بالقانون الدولي الإنساني.

 

رسائل المحتجين ومطالبهم

 

رفع النشطاء شعارات مثل "أوقفوا قتل المدنيين" و"لا سلاح من ألمانيا لإسرائيل"، مؤكدين أن استمرار تصدير السلاح في ظل الحرب الحالية يجعل الحكومة الألمانية شريكة في الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني. وأوضح أحد منظمي الاحتجاج، العضو في حركة "العمل من أجل نزع السلاح الآن"، أن الوقفة ليست رمزية فحسب، بل تهدف إلى إرسال رسالة عملية بأن المشاركة الألمانية في تسليح آلة الحرب يجب أن تتوقف.

 

وقال في تصريح نقلته وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ): "نحن هنا لأن الأسلحة التي تُشحن من الموانئ الألمانية تصل إلى أماكن تُستخدم فيها ضد مدنيين محاصرين. هذه مسؤولية لا يمكن السكوت عنها." وأضاف أن الحملة التي انطلقت منذ أسابيع تحت شعار "لا تهريب موت من ألمانيا" تسعى لتوسيع رقعة الضغط الشعبي والسياسي حتى يتم فرض حظر فعلي على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل.
رد الشرطة والسلطات المحلية

 

الشرطة الألمانية تدخلت بعد ساعات من بدء الاعتصام لإزالة المتظاهرين وتأمين حركة النقل، مؤكدة أن الاحتجاج أدى إلى توقف جزئي لخطوط الشحن نحو الميناء. وذكرت في بيان أن عملية الإخلاء تمت "بشكل سلمي إلى حد كبير"، مع تسجيل حالات محدودة من المقاومة السلمية، ولم يُبلّغ عن إصابات أو مواجهات عنيفة.

 

في المقابل، أوضحت السلطات في ولاية هامبورغ أن حرية التعبير مكفولة في القانون الألماني، لكنها اعتبرت إغلاق المرافق العامة الحيوية "تعدياً على النظام العام وتهديداً لأمن الحركة التجارية". وأضافت أنها ستراجع الإجراءات لمنع تكرار مثل هذه الإغلاقات، في حين رفض النشطاء الاتهامات، مؤكدين أن عملهم يدخل ضمن المقاومة السلمية المشروعة.

 

خلفية سياسية وتسليحية

 

تأتي هذه الاحتجاجات في ظل ازدياد الجدل داخل ألمانيا حول توريد الأسلحة لإسرائيل، خصوصاً بعد ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين في غزة، حيث تُتهم القوات الإسرائيلية باستخدام قنابل وذخائر من صنع ألماني ضمن عملياتها هناك. وتشير تقارير وزارة الاقتصاد الألمانية إلى أن برلين وافقت العام الماضي على تراخيص تصدير أسلحة إلى إسرائيل بقيمة تفوق 325 مليون يورو، أي ما يزيد بأكثر من عشرة أضعاف مقارنة بعام 2022.

 

وقد أعربت منظمات حقوقية مثل "العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش" عن قلقها من استمرار تدفق السلاح رغم التحذيرات الواضحة من انتهاكات محتملة للقانون الدولي الإنساني. كما يطالب مشرعون من أحزاب اليسار والخضر بإجراء مراجعة شاملة لسياسات تصدير السلاح، داعين الحكومة إلى تبني موقف أكثر اتزاناً بين دعم أمن إسرائيل واحترام حقوق الإنسان.
امتداد الاحتجاجات داخل أوروبا

 

لم تقتصر هذه التحركات على ألمانيا، إذ تشهد عدة دول أوروبية موجة من الاعتصامات أمام مصانع السلاح والموانئ، احتجاجاً على المشاركة غير المباشرة في الحرب الإسرائيلية على غزة. ففي بريطانيا وإسبانيا وهولندا، أوقف ناشطون عرب وأوروبيون شحنات عسكرية، مطالبين الاتحاد الأوروبي بفرض حظر شامل على تصدير السلاح إلى مناطق النزاع.

 

في هذا السياق، يرى مراقبون أن تصاعد الضغط الشعبي في ألمانيا يعكس تحولا ملحوظا في الرأي العام الأوروبي، الذي بدأ ينظر بانتقاد أكبر إلى علاقة الحكومات الغربية بإسرائيل، خاصة عندما يتعلق الأمر بصادرات الأسلحة ودعم العمليات العسكرية.