بينما تعلن الحكومة عن ضخ استثمارات ضخمة تصل إلى مليار ومائتين مليون من الجنيهات لتطوير البنية التحتية الشبابية والرياضية في محافظة أسوان، بهدف حماية الشباب من العادات السيئة كالمخدرات والتطرف ، ترتفع أصوات الأهالي والنواب والنشطاء لتكشف عن واقع مرير من الإهمال والفساد يضرب مراكز الشباب في مناطق حيوية مثل كوم أمبو وإدفو ونصر النوبة.
تتحدث التقارير الرسمية عن إنجازات ومشروعات، بينما يشكو المواطنون من أن ما تم لا يتجاوز 50% من المخطط، معتبرين أن باقي الأموال قد تم إهدارها.
وعود براقة وإنجازات على الورق
تواصل وزارة الشباب والرياضة ومديرية أسوان إصدار بيانات حول خطط التطوير الطموحة.
ففي مركز كوم أمبو، تم الإعلان عن رفع كفاءة وتطوير الملعب القانوني لتوفير بيئة رياضية آمنة. وفي إدفو، تحول مركز الشباب إلى "مركز تنمية شبابية" وبدأت أعمال إنشاء حمام سباحة بنظام حق الانتفاع وتجديد الملعب الخماسي.
كما امتدت خطط التطوير لتشمل مركز دراو والمدينة الشبابية بمعسكر العقاد، مع وعود بإنشاء ملاعب وصالات حديثة. ويتجول محافظ أسوان بشكل دوري في هذه المراكز لتأكيد الاهتمام الرسمي.
إهمال جسيم و"تطوير" منقوص
على النقيض من الصورة الرسمية، تأتي الشكاوى لتكشف حقيقة مختلفة تمامًا.
شكوى مقدمة من أهالي كوم أمبو تصف مركز الشباب بأنه يعاني من "إهمال شديد"، حيث لا يوجد به أي نشاط رياضي فعلي سوى الكاراتيه، وإضاءته شبه منعدمة، مما حوله إلى "مكان لتجمع الخارجين عن القانون" بدلاً من أن يكون متنفساً للشباب.
ويتهم الأهالي ونشطاء أن عمليات التطوير المعلن عنها لا تكتمل، وأن الأموال المخصصة يتم إهدارها، وهو ما أشار إليه مقطع فيديو ربط بين انتشار المخدرات في قرى أسوان وضعف مراكز الشباب و"إهدار أموال الدعم".
فساد وشبهات إهدار مال عام
لم تقتصر الانتقادات على الأهالي، بل امتدت لتشمل نواب البرلمان.
فقد صرح النائب إبراهيم نظير بأن هناك "فساد وتلاعب من المقاولين" في أحد مراكز الشباب النموذجية، مما يؤكد وجود شبهات حول كيفية إنفاق الأموال المخصصة للتطوير.
هذه الاتهامات تتوافق مع احتفال المحافظة باليوم العالمي لمكافحة الفساد، معترفة بأن قضايا الفساد من أخطر ما يواجه الدولة، وهو ما يثير تساؤلات حول جدية مكافحة هذا الفساد داخل المشروعات الحكومية نفسها.
النتيجة: شباب ضائع في مواجهة المخدرات
في الوقت الذي كان من المفترض فيه أن تكون مراكز الشباب حصناً لمواجهة الانحراف وانتشار المخدرات ، يكشف الواقع أنها قد تكون جزءاً من المشكلة بسبب إهمالها.
وتتزامن هذه الشكاوى مع حملات أمنية مكثفة تشنها وزارة الداخلية لإنهاء أساطير عناصر إجرامية وتجار مخدرات في مناطق مثل إدفو، مما يثبت أن الخطر الذي كان من المفترض أن تحاربه هذه المراكز لا يزال قائماً ومتجذراً.
إن الفجوة بين الإنفاق المعلن والواقع المتردي تترك شباب أسوان بلا متنفس حقيقي، وتطرح سؤالاً جوهرياً حول المسؤول عن ضياع أحلامهم وإهدار أموال دولتهم.

