في قلب منطقة بولاق أبو العلا التجارية النابضة بالحياة، بنى التاجر والمُصدّر علي علي محمد دياب، الشهير بـ"علي البردويلي"، سمعته في مجال الاستيراد والتصدير.
لكن طموحه لتوسيع نشاطه الصناعي اصطدم بما يصفه بـ"بلطجة السلطة"، في قصة تكشف عن تحديات يواجهها المستثمرون الصغار في مواجهة شبكات النفوذ والمال.
نزاع على أرض الأحلام في أبو رواش
بدأت فصول الأزمة عندما حصل البردويلي على قطعة أرض في المنطقة الصناعية بأبو رواش، بهدف إنشاء مصنع جديد يوسع به أعماله.
لكن حلمه الاستثماري سرعان ما تحول إلى كابوس. وفقاً لشكواه المتداولة، اعتدى رجل أعمال آخر، يُقال إنه مدعوم من جهات نافذة، على أرضه ووضع لافتات تحمل اسمه عليها في محاولة لفرض أمر واقع.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تعرض البردويلي لمساومة واضحة للتنازل عن حوالي ستة أفدنة من أرضه.
وعندما رفض الخضوع للابتزاز، وجد نفسه غارقاً في دوامة من القضايا الجنائية التي يؤكد أنها ملفقة بالكامل، بهدف الضغط عليه وتصفيته من المشهد.
وتنتشر قصته على منصات التواصل الاجتماعي تحت عناوين تشكو من استمرار "زمن الإتاوة وتلفيق القضايا" في ظل السلطة الحالية.
سياق أوسع من الاستيلاء وتوظيف القانون
قضية البردويلي لا تبدو حادثة معزولة، بل تأتي ضمن سياق أشمل من الشكاوى حول استغلال النفوذ للاستيلاء على الممتلكات وتوظيف القانون لخدمة مصالح النافذين. وتزخر الساحة المصرية بحالات مشابهة تثير قلقاً حول مناخ الاستثمار وحماية الملكية الخاصة.
فعلى سبيل المثال، شهدت الشهور الأخيرة قرارات حكومية أثارت جدلاً واسعاً، مثل طرح أصول هيئة الأوقاف المصرية للشراكة مع القطاع الخاص، وهو ما اعتبره معارضون "بيعاً ممنهجاً لأوقاف الفقراء" لصالح رجال أعمال مقربين من السلطة. وفي بورسعيد، تم هدم قرية الفردوس السياحية دون إخطار أو حكم قضائي لإفساح المجال أمام مشروعات استثمارية فاخرة، مما اعتبره المتضررون تجريفاً للطبقة المتوسطة لصالح المستثمرين الخليجيين.
هذه الوقائع، إلى جانب قضايا أخرى مثل نزاعات أهالي رملة بولاق ضد قرارات الاستيلاء على أراضيهم، ترسم صورة قاتمة عن بيئة يصبح فيها التحالف بين السلطة والمال هو الحاكم الفعلي، بينما يكافح المواطنون ورجال الأعمال غير المسنودين للحفاظ على حقوقهم.
سلاح القضايا الملفقة
إن لجوء خصم البردويلي المزعوم إلى تلفيق القضايا الجنائية يمثل نمطاً خطيراً يؤدي إلى تآكل الثقة في النظام العدلي. ويرى حقوقيون أن استخدام الحبس الاحتياطي وتهم فضفاضة مثل "نشر أخبار كاذبة" أصبح أداة لتصفية الحسابات وإسكات المعارضين أو المنافسين، كما في حالة الناشط سيد مشاغب الذي ظل محبوساً احتياطياً لشهور طويلة رغم حصوله على أحكام براءة متعددة. إن مجرد وجود قضايا جنايات خطيرة في منطقة بولاق أبو العلا، مثل قضية "خلية بولاق" لعام 2025، يوضح مدى خطورة التهم التي يمكن أن يواجهها أي شخص.
صراع من أجل البقاء
تجسد محنة علي البردويلي الصراع الذي يعيشه الكثير من رواد الأعمال في مصر. فبينما تسعى الدولة نظرياً لجذب الاستثمارات، يصطدم الواقع العملي بعقبات تتمثل في الفساد واستغلال النفوذ، حيث يمكن لـ"رجل أعمال مسنود" أن يدمر أحلام وطموحات تاجر عصامي بنى نفسه بنفسه. تبقى قصة البردويلي صرخة مدوية في وجه واقع مرير، وتساؤلاً مفتوحاً حول قدرة الدولة على حماية أبنائها من تغول النافذين وضمان سيادة القانون على الجميع دون تمييز.

