يواصل القطاع الخاص غير النفطي في مصر الانكماش للشهر السادس على التوالي خلال أغسطس، متأثرًا باستمرار ضعف الطلب المحلي رغم تراجع ضغوط التكلفة نسبيًا.
وبحسب ستاندرد آند بورز غلوبال، هبط مؤشر مديري المشتريات إلى 49.2 نقطة في أغسطس مقابل 49.5 في يوليو، ليظل دون مستوى الـ50 الفاصل بين النمو والانكماش. ويعكس هذا تدهورًا طفيفًا في أوضاع التشغيل، وإن كان بوتيرة أقل من المتوسط التاريخي البالغ 48.2 نقطة.
تراجع الإنتاج والطلبات الجديدة
أظهرت البيانات تسارع وتيرة الانخفاض في الإنتاج والطلبات الجديدة مقارنة بيوليو، لكنها ظلت أقل من المستويات المعتادة على مر الزمن. وعلى الرغم من الانكماش، ارتفع معدل التوظيف للشهر الثاني على التوالي بعد تسعة أشهر من الركود، إذ لجأت بعض الشركات إلى زيادة عدد الموظفين لتعزيز الطاقة الإنتاجية والتعامل مع تراكم الأعمال، غير أن هذه الزيادة بقيت محدودة.
تكاليف الإنتاج والتضخم
انخفض تضخم تكاليف مستلزمات الإنتاج إلى أدنى مستوياته منذ مارس، مسجلًا أقل مستوى له في نحو أربع سنوات ونصف. وأسهم هذا التراجع، إلى جانب تسارع ارتفاع أسعار البيع، في تضييق الفجوة بين تضخم تكاليف الإنتاج وتضخم أسعار المنتجات النهائية.
ورغم تباطؤ التضخم في المدن المصرية إلى 13.9% في يوليو مقابل 14.9% في يونيو، فإنه لا يزال أعلى بكثير من المستهدف الحكومي عند 7%. وكان رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قد أعلن في مارس الماضي أن بلاده تسعى لخفض التضخم إلى 10% بحلول عام 2026.
توقعات الشركات وثقة السوق
وقال ديفيد أوين، كبير الاقتصاديين في ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس، إن استمرار الضغوط التضخمية يقوّض توقعات المبيعات والإنتاج لدى الشركات. وأوضح أن تراجع تكاليف الأعمال قد يدعم تعافي الطلب إذا انعكس في صورة انخفاض الأسعار.
ومع ذلك، أبدت الشركات المصرية غير النفطية حذرًا واضحًا، حيث تراجعت المشتريات ومخزونات مستلزمات الإنتاج، وظلت الثقة في توقعات العام المقبل ضعيفة دون تحسن عن يوليو، وأعلى بفارق طفيف فقط من المستوى المتدني غير المسبوق في يونيو.
أزمة ديون متفاقمة
بالتوازي مع هذه التحديات، تواجه مصر أزمة ديون خانقة، إذ قفز الدين الخارجي من نحو 46 مليار دولار قبل عشر سنوات إلى 156.7 مليار دولار حاليًا، في ظل إصرار الحكومة على المضي في مشروعات عملاقة مثيرة للجدل رغم الكلفة الباهظة.
صندوق النقد وشروط الإصلاح
وتترقب القاهرة وصول بعثة صندوق النقد الدولي خلال سبتمبر الجاري أو أكتوبر المقبل لإجراء المراجعتين الخامسة والسادسة من برنامج القرض.
وكان الصندوق قد قرر في يوليو دمج المراجعتين لمنح الحكومة مزيدًا من الوقت للتقدم في الإصلاحات، خاصة ما يتعلق بتقليص دور الدولة في السوق وتوسيع برنامج الطروحات الحكومية. وتشمل الأجندة الإصلاحية أيضًا الالتزام بالحد الأقصى لحساب الخزانة الموحد عند 238 مليار جنيه.
اقتراض متزايد وطروحات محدودة
في هذا السياق، رفعت وزارة المالية مستهدفها للاقتراض الشهري إلى 838 مليار جنيه (نحو 17.25 مليار دولار) خلال سبتمبر، بزيادة 25% عن مستهدف أغسطس البالغ 670 مليار جنيه.
وتتطلع الحكومة إلى جمع نحو 3 مليارات دولار من برنامج الطروحات بحلول يونيو المقبل، وهو هدف أقل بكثير من التقديرات السابقة التي تراوحت بين 5 و6 مليارات دولار.