رغم مرور شهر كامل على إعلان حكومة عبدالفتاح السيسي، مبادرة تخفيض أسعار السلع الغذائية، فإن المواطن لم يلمس أي أثر مباشر على جيبه، إذ بقيت الأسعار على حالها تقريبًا، وسط تجاهل واسع من جانب الشركات المنتجة والتجار لنداءات الحكومة بتقديم تنازلات تخدم المستهلك وتدعم السوق المحلية.
 

مبادرة حكومية لم تجد طريقها للتطبيق
المبادرة التي أطلقها مصطفى مدبولي، بعد انخفاض سعر صرف الدولار لأدنى مستوياته منذ عام، لكنها اصطدمت – بحسب تجار ومراقبين – بجدار مصالح الشركات الكبرى التي رفضت خفض أرباحها أو تعديل قوائم أسعارها.

وأكد رئيس شعبة المواد الغذائية بغرفة تجارة الإسكندرية، حازم المنوفي، أن الشركات تجاهلت الطلبات الرسمية بتقليص هوامش أرباحها، وهو ما جعل أسعار غالبية المنتجات ثابتة، رغم تراجع أسعار بعض المواد الخام بشكل ملحوظ.
 

ثبات في الأسعار رغم تراجع المواد الخام
وأشار المنوفي إلى أن أسعار زيت الطعام الخام انخفضت من 67 ألف جنيه للطن العام الماضي إلى نحو 50 ألف جنيه حاليًا، لكن السعر النهائي للمستهلك لم يتغير، إذ لا يزال اللتر يباع عند 77 جنيهًا.

وينسحب الأمر ذاته على منتجات الألبان والحلوى التي بقيت أسعارها مستقرة رغم انخفاض سعر السكر بنسبة 18% خلال العام الجاري، ليصل إلى 26 ألف جنيه للطن مقارنة بـ32 ألف جنيه مطلع العام.

ويرى المنوفي أن استمرار ارتفاع أسعار السلع أدى إلى ركود في حركة المبيعات، ما أضر بالتجار الصغار الذين يقتصر دورهم على هامش ربح محدود، بينما يظل قرار التسعير بيد الشركات الكبرى.
 

جدل حول فعالية المبادرات الحكومية
من جانبه، اعتبر عضو مجلس إدارة غرفة الحبوب باتحاد الصناعات، مجدي الوليلي، أن مثل هذه المبادرات الحكومية "غير مجدية"، لافتًا إلى أن الحل الجذري لضبط الأسواق يكمن في تقليل تكاليف الاستثمار أولًا، مما يخلق منافسة حقيقية داخل السوق.

وأوضح الوليلي أن تسهيل الإجراءات وتقليل الرسوم الحكومية سيشجعان على ضخ استثمارات جديدة، سواء من مستثمرين محليين أو أجانب، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الإنتاج وتخفيض الأسعار بصورة طبيعية ودائمة، من دون الحاجة إلى مبادرات مؤقتة قد لا تجد طريقها إلى التنفيذ.
 

مواطن بين الغلاء وتراجع القدرة الشرائية
وبين جدل الحكومة والتجار، يبقى المواطن الحلقة الأضعف في المعادلة، إذ يواجه ارتفاعًا في أسعار السلع الأساسية وتراجعًا في القدرة الشرائية، دون أن يلمس أي مردود حقيقي من المبادرات التي تعلنها الحكومة.

في المحصلة، يعكس المشهد الحالي فجوة واضحة بين السياسات الحكومية والواقع الاقتصادي في الأسواق، ما يطرح تساؤلات حول جدوى المبادرات التقليدية، والحاجة إلى حلول جذرية أكثر فاعلية ترتكز على الإصلاح الاقتصادي والرقابة الصارمة على الأسعار.