تشهد سوق الهواتف الذكية حالة من الترقب مع تزايد المؤشرات التي تؤكد قرب ارتفاع أسعار الأجهزة خلال الفترة المقبلة، وذلك نتيجة مباشرة لزيادة تكاليف إنتاج الرقائق الإلكترونية التي تعد المكوّن الأساسي في هذه الهواتف.

وكشفت تقارير اقتصادية حديثة، أن شركة TSMC التايوانية، أكبر مصنع للرقائق الإلكترونية في العالم، رفعت أسعار الإنتاج خلال العام الجاري بنسبة وصلت إلى 10%، ومن المتوقع أن تواصل الزيادة بنسبة إضافية تتراوح بين 5% و10% خلال العام المقبل.

وتأتي هذه الخطوة لمواجهة مجموعة من التحديات، أبرزها الرسوم الجمركية الأميركية، والتقلبات المستمرة في الأسواق العالمية، فضلًا عن الضغوط الجيوسياسية وسلاسل التوريد.

ويعني ذلك أن المستهلك سيكون المتضرر الأكبر، إذ ستنعكس زيادة التكاليف مباشرة على أسعار الهواتف الذكية، خصوصًا تلك التي تعتمد على أحدث الرقائق من إنتاج TSMC، مثل هواتف آبل وسامسونج.

وتؤكد تقارير متخصصة أن جميع شرائح سلسلة A الخاصة بآبل ومعالجات Snapdragon من كوالكوم، تُصنع في مصانع الشركة التايوانية، وهو ما يعزز من تأثير هذه الزيادة على السوق بأكملها.

ومن المقرر أن تعتمد سلسلة iPhone 17 المرتقبة على شريحة A19 الجديدة، في حين يُرجح أن تُزوّد سلسلة Galaxy S26 المقبلة بمعالجات Snapdragon 8 Elite Gen 2 أو Gen 5 Elite 8 من كوالكوم. ورغم أن هذه الهواتف لن تتأثر بالزيادة المعلنة لعام 2025، إلا أنها بالفعل تحمل في أسعارها انعكاسات الزيادة السابقة بنسبة 10% التي طُبقت خلال العام الحالي.

وبحسب المعلومات الأولية، قد ترتفع أسعار هواتف iPhone 17 Pro وiPhone 17 Pro Max بنحو 50 دولارًا مقارنة بالجيل السابق، وهو ارتفاع أقل من التوقعات الأولية التي رجّحت زيادات أكبر على خلفية مشاكل الإمدادات العالمية. ومن المنتظر أن تتضح الصورة كاملة مع المؤتمر الذي ستعلن فيه آبل عن هواتفها الجديدة في 9 سبتمبر الجاري.

ويشير خبراء الصناعة إلى أن أزمة الأسعار ليست مجرد نتيجة لرسوم جمركية فرضتها الإدارة الأميركية السابقة أو للتوترات الجيوسياسية في شرق آسيا، بل هي حصيلة تداخل معقد لعوامل اقتصادية واستراتيجية. وتدرك شركة TSMC أن أي زيادة غير مدروسة قد تهدد مكانتها كمزوّد رئيسي للشركات الكبرى، لذلك تحاول موازنة الأسعار للحفاظ على ولاء عملائها.

وفي الوقت ذاته، تتجه شركات الهواتف العملاقة لمحاولة تقليل اعتمادها على TSMC. حيث تعمل سامسونج على تطوير معالجات Exynos 2600 بتقنية 2 نانومتر، والتي يُرجح أن تكون جاهزة للأجيال اللاحقة من هواتفها. فيما تواصل آبل سعيها لتقليص اعتمادها على كوالكوم، من خلال تطوير شرائحها الخاصة للاتصالات.

ومع هذه التطورات، يبدو أن المستهلك سيظل مضطرًا لتحمّل كلفة الابتكارات التقنية وصراعات سلاسل الإمداد، في وقت تتجه فيه الشركات إلى تعزيز هوامش أرباحها وسط منافسة شرسة، وسوق عالمي متقلب لا يعرف الاستقرار.