في تقرير لبرنامج Focus على قناة فرنس 24، تتصدر النساء مشهد العمل الزراعي في مصر، رغم الظروف القاسية التي يواجهنها. بلغ حجم صادرات البلاد من الخضروات والفواكه خلال العام الماضي ما يقارب 7 ملايين طن، بقيمة تصل إلى 6 مليارات يورو، خُصص منها نحو 20٪ للسوق الأوروبية. وبحسب بيانات البنك الدولي، يشكل قطاع الزراعة أعلى نسبة تشغيل للنساء في مصر، حيث تصل النسبة إلى نحو 45٪ على مستوى الجمهورية، وتبلغ 94٪ في صعيد البلاد.

وسط هذا الحضور الكثيف، تعاني قرابة 5 ملايين عاملة زراعية من انعدام الحقوق الأساسية. لا يملكن عقود عمل، يتقاضين أجوراً تقل عن نصف ما يحصل عليه الرجال، ويُجبرن على العمل تحت شمس حارقة ولساعات طويلة، دون أي حماية قانونية أو تأمين اجتماعي.

في الحقول الممتدة من دلتا النيل إلى صعيد مصر، تشارك النساء في مختلف مراحل الزراعة، من البذر إلى الحصاد. ورغم ذلك، تظل غير مرئيات في أعين أرباب العمل والجهات الرسمية. عدد كبير منهن يعمل يومياً مقابل أجر زهيد، في حدود 50 إلى 70 جنيهاً في اليوم، أي أقل من 1.5 يورو، وغالباً ما يُحرمْن من الراحة أو المياه الكافية خلال فترات العمل.

تصف بعض العاملات ظروفهن بأنها "عبودية من نوع جديد"، حيث يواجهن الاستغلال في صمت، في ظل الخوف من فقدان مصدر الرزق الوحيد لأسرهن. كثيرات منهن أرامل أو معيلات لأطفال، ولا يجدن خياراً آخر سوى القبول بالواقع القاسي.

بدأت منظمات قاعدية محلية التحرك مؤخراً لمواجهة هذا الوضع. تقود ناشطات حملات ميدانية لتوعية العاملات بحقوقهن، والمطالبة بضرورة توثيق العمل عبر عقود رسمية، وضمان حد أدنى من الأجور، وتوفير وسائل حماية من الحرارة، بالإضافة إلى التأمين ضد الحوادث. تعمل هذه المنظمات في بيئة شديدة الحساسية، حيث لا ترحب السلطات غالباً بالنشاط الحقوقي المستقل، خاصة في المناطق الريفية الفقيرة.

تشير التقارير إلى أن بعض المبادرات نجحت في تنظيم ورش تدريبية حول الصحة والسلامة المهنية، وفي الضغط على بعض أصحاب المزارع لتسجيل العاملات رسمياً. إلا أن حجم المشكلة ما زال يتجاوز إمكانيات هذه الجهود المحدودة، في ظل غياب تدخل حكومي جاد لتقنين أوضاع العاملات الزراعيّات.

يرى مراقبون أن دعم الدولة لهذه النساء لا يمثل فقط استحقاقاً إنسانياً، بل ضرورة اقتصادية. فاستدامة القطاع الزراعي، الذي يعد من أعمدة الاقتصاد المصري، تعتمد على تحسين ظروف العاملين فيه، وخاصة النساء اللواتي يحملن عبئه الأكبر.

لا تزال رحلات الصباح الباكر لعاملات الحقول تحمل وجوهاً متعبة، وأيدي خشنة، وحكايات صامتة عن ظلم يومي، في انتظار من يسمع ويستجيب.

https://www.france24.com/en/tv-shows/focus/20250624-egypt-s-female-farm-workers-face-dire-working-conditions