نفت إدارة مستشفى "جوستاف روسي إنترناشونال - مصر" (المعروف سابقًا بمستشفى هرمل للأورام)، مسؤوليتها عن تقليص الجلسات أو رفض استقبال الحالات الجديدة.
وقالت في بيان رسمي إنها تولّت إدارة المستشفى فقط منذ 1 يونيو الجاري، مشيرة إلى أن "الهجوم المبكر على التجربة الجديدة يثير الريبة".
تأتي هذه التصريحات بعد أيام من نشر فيديو يُظهر احتجاج عدد من المرضى داخل المستشفى، على خلفية تأخر إصدار قرارات العلاج، ورفض استقبال بعض الحالات، وتقليص عدد جلسات الكيماوي. لكن الإدارة الجديدة، المملوكة لشركة "إليفيت" الفرنسية، نفت كل تلك المزاعم، مشيرة إلى أن التغيير جارٍ "لتحديث البنية التحتية للخدمات الطبية".
https://x.com/Almanassa_AR/status/1934611963398517082
خلفية الأزمة.. خصخصة تتخفى في عباءة "الشراكة"
تعود جذور الأزمة إلى توقيع وزارة الصحة في فبراير 2025 عقد شراكة مع شركة "إليفيت"، الشريك الحصري لمعهد جوستاف روسي الفرنسي، لتولي إدارة وتشغيل وتطوير مستشفى هرمل، الذي أصبح بموجب الاتفاق أول فرع للمعهد خارج فرنسا.
وبحسب بنود التعاقد، تحصل وزارة الصحة على نسبة تبدأ من 3% فقط من إيرادات المستشفى خلال أول 5 سنوات، فيما تُخصص 30% من طاقة المستشفى لخدمات استثمارية، و70% فقط لمرضى العلاج المجاني أو المدعوم. اتفاق أثار جدلاً واسعًا داخل الأوساط الطبية والنقابية، ووُصف بأنه "بيع غير مباشر للمستشفيات العامة".
المخاوف تصاعدت بعد صدور القانون رقم 87 لسنة 2024 الذي يتيح للمستثمرين المصريين والأجانب إدارة وتشغيل المنشآت الصحية العامة، ما دفع نقابة الأطباء إلى التنديد بالقانون، وتحذيرها من تفريغ المستشفيات العامة من الكوادر الطبية، بسبب منح الشركات الخاصة الحق في الاستغناء عن 75% من العاملين.
أصوات المرضى.. قرارات مؤجلة ومعاناة مستمرة
المرضى، الذين يتلقون العلاج غالبًا على نفقة الدولة، أكدوا أنهم فوجئوا بتقليص عدد جلسات الكيماوي، ومطالبتهم بإصدار قرارات جديدة للعلاج، في ظل إجراءات بيروقراطية معقدة وتأخير في الاستجابة. كما اشتكوا من النقص في الكوادر الطبية، إذ لم يكن هناك سوى ممرض واحد لمتابعة جلسات الكيماوي، ما أجبر البعض على الانتظار أكثر من 4 ساعات لتلقي الجرعة.
لكن الإدارة ردت بنفي صريح، مؤكدة أن "ما جرى هو تقليص مهلة استخراج قرارات العلاج من أسبوعين إلى ثلاثة أيام فقط، بأمر من وزير الصحة، لتسريع حصول المرضى على الخدمة". وأكدت معالجة أكثر من 2400 حالة على نفقة الدولة، بمتوسط يومي يصل إلى 150 جلسة كيماوي للكبار، إضافة إلى نحو 57 حالة من الأطفال.
الإدارة الجديدة.. تعهدات بالتحسين ومشروعات مستقبلية
في محاولة لامتصاص الغضب، تعهدت الإدارة الفرنسية بإنشاء منصة إلكترونية لحجز الزيارات والملفات الطبية، وتمديد مواعيد استقبال المرضى حتى السابعة مساءً، إلى جانب تخصيص رقم هاتفي للاستفسارات. وقالت إن 20% من طاقة المستشفى تخدم بالفعل حالات الأطفال، نافية ما تم تداوله عن رفض استقبالهم.
كما أكدت الإدارة أنها بدأت في تعيين ممرضين إضافيين وتحديث فرق العمل، بعد أن احتفظت فقط بـ25% من موظفي المستشفى السابقين، في إطار ما وصفته بـ"إعادة توزيع دون خسائر وظيفية"، بينما تولت وزارة الصحة نقل الباقين.
خصخصة الرعاية الصحية.. جدل يتصاعد
تأتي أزمة مستشفى هرمل في سياق أوسع من تسليم عدد من المستشفيات العامة إلى شركات خاصة بدعوى التطوير، وهو ما تصفه الحكومة بأنه "شراكة استراتيجية"، بينما ترى منظمات حقوقية ومهنية أنه خصخصة مقنّعة تهدد حق الفقراء في العلاج.
وكان المحامي الحقوقي خالد علي قد أقام دعوى قضائية باسم 6 من قيادات نقابة الأطباء، للطعن على خصخصة المستشفيات العامة، مشيرًا إلى مخالفة القانون للدستور الذي يُلزم الدولة بضمان العلاج المجاني، ويمنع التربح من القطاع الصحي العام.