دقّ النائب محمد بدراوي، عضو مجلس النواب عن حزب مستقبل وطن، ناقوس الخطر بشأن تفاقم عبء خدمة الدين العام، محذرًا من أن "كل جنيه يدخل خزانة الدولة يذهب منه أكثر من 80 قرشًا لسداد فوائد القروض، ولا يتبقى سوى الفتات لبقية بنود الإنفاق".

جاء ذلك خلال مناقشة مجلس النواب لمشروع الموازنة العامة للعام المالي الجديد 2025/2026، وسط تصاعد التحذيرات من اختلال التوازن بين الإيرادات العامة وأعباء خدمة الدين المتفاقمة، والتي باتت تبتلع القسم الأكبر من موارد الدولة.

وقال بدراوي إن الإيرادات الضريبية المتوقعة في الموازنة الجديدة تبلغ نحو 2650 مليار جنيه، في حين تصل فوائد الدين العام إلى 2300 مليار جنيه، ما يمثل أكثر من 86% من إجمالي الإيرادات المتوقعة.
وأضاف: "بهذا المعدل، فإن أي جنيه يدخل الدولة يتبخر منه 80 قرشًا على الفور، ولم يتبق لنا سوى القليل لتغطية رواتب الموظفين ودعم الفقراء وتشييد المدارس والمستشفيات".

وأشار النائب إلى أن بند الأجور وحده يلتهم نحو 700 مليار جنيه، بينما لا تكفي الإيرادات المتبقية لتغطية بقية الالتزامات، ما يضطر الدولة إلى الاقتراض مجددًا لتمويل مشروعات البنية التحتية والدعم، وهو ما يفاقم العجز السنوي ويُعيد تدوير الدين في حلقة مفرغة.
 

تضاعف أعباء الديون في ظرف خمس سنوات
   تشير أرقام وزارة المالية إلى أن فوائد الدين العام تستحوذ على 50.2% من إجمالي المصروفات في موازنة العام الجديد، مقارنة بنسبة 31.9% فقط في موازنة 2021/2022، ما يعكس تضاعف الضغوط التمويلية على الموازنة العامة خلال أقل من خمس سنوات.

ورغم إعلان وزير المالية في مايو الماضي عن أن مصر حققت أعلى زيادة في الإيرادات الضريبية منذ عام 2005، فإن هذه الزيادة لم تنجح في كبح جماح الدين أو تخفيض الفوائد المتصاعدة، مما يثير تساؤلات حول فاعلية سياسات التوسع الضريبي وجدواها في ظل بيئة اقتصادية منهكة.
 

3.5 تريليون جنيه ديون جديدة في موازنة واحدة
   كشف النائب بدراوي عن أرقام صادمة، موضحًا أن الحكومة ستضطر إلى اقتراض نحو 2000 مليار جنيه لسداد أقساط الديون القديمة، إلى جانب 1500 مليار أخرى لسد العجز الجاري، بإجمالي تمويل جديد يبلغ 3.5 تريليون جنيه خلال العام المالي المقبل، وهو رقم يعادل أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي لمصر.
 

الفقراء آخر من يصلهم الدعم
   ولم تقتصر الاعتراضات البرلمانية على ملف الدين العام فقط، إذ أبدى عدد من النواب استياءهم من ضعف الإنفاق الاجتماعي في الموازنة الجديدة، وخصوصًا دعم الفئات الأكثر احتياجًا.

وقال النائب أحمد فرغلي إن "معاش تكافل وكرامة" لا يتجاوز دولارًا واحدًا يوميًا في ظل موجات التضخم وارتفاع الأسعار، ما يُفقده أي تأثير حقيقي على معيشة الفقراء.

وكانت وزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج قد أعلنت في وقت سابق عن رفع قيمة معاش تكافل وكرامة إلى 900 جنيه للفرد، اعتبارًا من أول يوليو المقبل، بعد تطبيق الزيادة التي أقرها الرئيس عبد الفتاح السيسي بنسبة 25%.

لكن هذه الزيادة، بحسب مراقبين، لا تواكب نسب الفقر المتصاعدة في البلاد، والتي تتراوح حاليًا، بحسب آخر بيانات متوفرة من البنك الدولي ووزارة التخطيط، بين 29% و32% من إجمالي السكان، وسط غياب أحدث الدراسات الميدانية الرسمية منذ سنوات.